الأحد، 25 مايو 2025

القناطر التسعة على بحر مويس بالزقازيق

 القناطر التسعة على بحر مويس بالزقازيق

ذكر الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل عبد الفتاح فى ندوة الجمعية المصرية  للدراسات التاريخية بمناسبة مرور 150 عام  على رحيل محمد على باشا الكبير -9- 11 مارس1999 م ([1])

كان أيضا من مشاريع القناطر الهامة التي نفذها محمد علي في النصف الأول من فترة حكمه قناطر التسعة بالزقازيق وترجع أهميتها أنها كانت في إطار مشروع زراعي صناعي نشأ عنه ظهور مدينة جديدة هى مدينة الزقازيق التي أصبحت فيما بعد عاصمة محافظة الشرقية. وكان المقصود من المشروع زراعة أشجار الزيتــــــون لاستخدام محصولها في صناعة الصابون، وزراعة أشجار التوت لتربية دودة القز تمهيدا لصناعة الحرير، وترتب على ذلك استيطان الفلاحين المعدمين بجهات الشرقية في الأراضي الجديدة التي استصلحت، أي أنه كان إصلاح وتحديث معا. وقد قال الجبرتي عن هذا المشروع  "وأنتشأ دنيا جديدة متسعة لم يكن لها وجود قبل ذلك بـــــــل كانت برية خرابا وفضاء واسعا " ([2]).

بعد أن انتهى محمد علي من قياس (تربيع) الأراضي الزراعية وإنهاء نظـــام الإلتزام ومعرفة ما يصلح منها للزراعة سنة ۱۲۲۹هـ / ۱۸۱٤م ، بدأ في اسـتطلاع الأراضي التي يجب استصلاحها والمحاصيل التي ستزرع بها ([3])، فذهب في أواخر سنة ١٢٣١هـ / ۱۸۱٦م إلى المنطقة المعروفة برأس الوادي  "وادي الطميلات" عند مدينة بلبيس، حيث كانت مياه الفيضان تغمرها لفترة طويلة يستحيل معها زراعتها، وعهد إلى ابنه إبراهيم باشا والمهندس الفرنسي بسكال كوست بتوفير المياه المنتظمة لزراعة هذا الوادي بأشجار التوت والزيتون، فحفروا" ترعة الوادي" في خمسة أيــــام  بإستخدام 80 ألف  عامل جمعوهم من نواحي الشرقية، وكانت بدايتها من بحر مويس غربا وحتى بلدة نفيشة عند الإسماعيلية الحالية شرقا بطول ۲۰۵۹۰ متر ، كما طـهر ١٤٠٧٦ مترا من الترع القديمة وأدخلها في الترعة الجديدة ليصبح طولها ٤٥ كيلو متر، وبني عدد من الجسور للحفاظ على مياه الترعة وعمل أكثر من ألف ساقية من الخشب صنعت في بيت الجيجي بالتبانة (هو) بيت الرزاز، أثر رقم ٢٣٥) ونقلت على ظهور الجمال إلى هناك. واكتملت السواقي في ربيع ثان سنة ١٢٣٢هـ فبراير ۱۸۱۷م. وأمر بإحضار الفلاحين المعدمين بإقليم الشرقية للاستيطان بهذا الوادي وزراعته وتعلم تربية دودة القز وصناعة الحرير ، وأحضر متخصصين في ذلك مــــــن تركيا وبلاد الشام وجبل لبنان لتعليمهم ، واكتمل استصلاح أراضيها وزرعها أشجار التوت لاستخراج الحرير على طريقة أهل الشام وجبل الدروز، وذكر بورنج Bowring أنه زرع ثلاثة آلاف فدان من أشجار التوت بكل فدان ۳۰۰ شجرة، وكان كل ذلك تحت إشراف محمد علي المباشر ([4]).

كان محمد على بعيد النظر في حفر هذه الترعة وجعلها صالحة للملاحة ، إذ أنه عند حفر قناة السويس مدت هذه الترعة لينتفع بها في الشرب ، ثم اندمجت في عهد الخديوى إسماعيل فى ترعة الإسماعلية التي تمد منطقة القناة بطولها بالمياه العذبة ([5]).

أصدر بعد ذلك أمرا فى ٧ شعبان ۱۲۳۳هـ / ۱۲ يونيو ۱۸۱۸م بتأســـــــس وتنظيم مصلحة الأنوال والعزل فى سائر الأقاليم ، وأصدر أمرا في ١٥ أول سنة ربيع ١٢٣٦هـ / ديسمبر ۱۸۲۰م بتأسيس أماكن لتربية دودة القز بالقطر المصرى  وإحضار ما يلزم لصناعة الحرير ([6])

كان على محمد على بعد ذلك الحفاظ على تنظيم إمداد الترعة الجديدة بالمياه، فأصدر أمرا بعمل قناطر على بحر مويس إلى الشمال من فتحة ترعة الوادي في ١٠ شوال سنة ١٢٤٣هـ / ٨/ مايو ١٨٢٧م إلى محمود بك يقضي بفتح ترعة مويس وتجهيز المعدات اللازمة لذلك " ([7]) ،

وتم العمل بها تحت إشراف أحمد أفندي البارودي "باشمهندس مديرية "الشرقية" سنة ١٢٤٨هـ / ١٨٣٣م ([8])

بنيت هذه القناطر في مكان سد قديم كان على بحر مويس ([9])

من ثلاثة أجزاء (أنظر الخريطة المرفقة)، بني الجزء الرئيسي على بحر مويس ويتكـــون مـــن ستة عيون معقودة بالحجر وفي نهاية هذا الجزء من جهة الشرق هويس، والجزء الشرقي يخرج منه بحر مشتول الذي قام بحفره محمد علي أيضا سنة ١٢٤٣هـ / ٢٦-١٨٢٧م وهو ذو ثلاثة عيون ([10])، أما الجزء الغربي فيخرج منه ترعة المسلمية التي حفرها محمد علي سنة ١٢٤٣هـ / ۲٦ - ۱۸۲۷م أيضا وتتكون من  ثلاث عيون([11]) كما هو مبين بالرسم المرفق ([12]) . وقد بنيت هذه القناطر بأجزائـــــها الثلاث من الحجر الجيري والطوب الأحمر الذي جلب من المباني القديمة بمنطقة تل بسطا ([13]).

ترتب على بناء تلك القناطر نشئت مدينة جديدة هي مدينة الزقازيق التي نسبة إلى الشيخ إبراهيم زقزوق الذي كان رئيس العمال كما انه كان أحد رؤساء العمال القادمين من كفر الزقازيق لازال- هذا الكفر بنفس الاسم إلى الشمال الشرقي من القناطر - وبنى العمال مساكن لهم عشش- وأخصاص بجوار موقع العمل الذي سمي "نزلة الزقازيق"، فسميت القناطر قناطر" الزقازيق، وبنى محمد علي جامعا بنزلة الزقازيق لازال موجودا بالقرب من القناطر، وهكذا تكونت النواة الأولى لمدينة الزقازيق ([14]).

 وقد صدر الأمر إلى مدير الشرقية في ۱۹ شوال سنة ١٢٤٩هـــــــــ/ ١ مارس ١٨٣٤م ببناء وإنشاء مكاتب بالزقازيق والعزيزية وكفر نجم والوادي،وبصرف المهمات اللازمة وتعيين المهندسين المباشرين([15]).







[1] إصلاح أم تهذيب مصر فى عصر محمد على  - ندوة الجمعية المصرية  للدراسات التاريخية بمناسبة مرور 150 عام  على رحيل محمد على باشا الكبير -9- 11 مارس1999 م .تحرير رؤوف عباس –المجلس الأعلى للثقافة - د. محمد حسام الدين إسماعيل عبد الفتاح - المنشآت المائية في عصر محمد على - ص708- 710

[2] الجبرتى-عجائب الأثار ج7 –ص401

[3] الجبرتي عجائب الآثار، ج ۷، ص ۲6۹، ۲۷۹ - ۲۸۲ ؛ شكري: بناء دولة - ص ٣٦-٣٨.

[4] الجبرتي عجائب الآثار، ج ۷، ص ٣٦٧ - ۳٦٨ ، ٤۰۰-٤٠١، ٤١٥، ٤٦٥  أمين سامي: تقويم النيل، ج ۲، ص ۲٦١ ؛ شكري: بناء دولة، ص ٣٩، ٤١٦ ريفلين الاقتصاد والإدارة، ص ٢٤٢ ، ٣٣٣.

[5] على مبارك : الخطط ، ج ۱۹ ، ص ٥٥.

[6] أمين سامى : تقويم النيل ، ج ۲، ص ۲٦٤ ، ۲۸۹؛ عمر طوسون : الصنائع

والمدارس الحربية في عهد محمد على باشا ، الطبعة الثالثة ، الإسكندرية سنة

١٩٣٥م ، ص ۱۰.

Rivlin, The Agricultural Policy of Muhammad Ali in Egypt, 165-166;

Bowring, Report on Egypt and Candia, 21,30,145-146.

 

[7] أمين سامي: تقويم النيل، ج۲، ص ٣٣٥.

[8] علي مبارك: الخطط، ج ۱۱، ص ۹۳ ، ج ۱۹، ص ٥٣، ٥٥، ٥٦.

[9] علي مبارك: الخطط، ج۱۱، ص۹۳.

[10] علي مبارك: الخطط، ج ١٩، ص ٥٦

[11] علي مبارك الخطط، ج۱۹، ص ٥٥-٠٥٦

[12] المسقط الأفقي والقطاع الرأسي مأخوذ من علي شافعي: أعمال المنافع العامة.

[13] علي مبارك : الخطط، ج۱۹، ص ٥٣.

[14] علي مبارك الخطط، ج ۱۱، ص ۹۳-۹۴ ؛ محمد رمزي: القاموس الجغرافي للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين إلى سنة ١٩٤٥م، قسمان، ٥ أجزاء، الطبعة الثانية، القاهرة ۱۹۹٤م ، ق ۲، ج ۱، ص ٢٤، ٨٩-٩٢.

[15] أمين سامي: تقويم النيل، ج۲، ص ٤١٨.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق