اليونانيون في مدينة الإبراهيمية
في الإسكندرية
حي شهير يسمي الإبراهيمية نسبة إلى إبراهيم باشا نجل محمد على. أما في الشرقية فقد
آثر الشرقاويون إنشاء قرية بأكملها على اسم إبراهيم باشا تخليداً لذكراه وسميت باسم
(الإبراهيمية) والتي يرجع تاريخ إنشائها إلى أوائل القرن التاسع عشر سنة 1829م ولا
غنى للباحث عن تاريخها من الرجوع إلى تاريخ حرب المورة إحدى الجزر اليونانية.
قد ثارت
اليونان في عام سنة 1820 ضد الحكم العثماني وحاول الباب العالي إخمادها بمختلف الحملات
فلم يوفق، بل استفحل شرها، وعظم خطرها، وتعددت مذابحها وأخيرا لجأ الباب العالي إلى
محمد علي باشا والى مصر ليستعين بجيشه على قمع هذه الثورة، وتقابل الأسطولان المصري
والتركي في جزيرة ردوس، وولى إبراهيم باشا قيادة هذه الحملة التركية المصرية سنة
1821 فخضعت له معظم بلاد المورة، وسقطت أهم مدن اليونان ومنها أثينا.
عند
ذلك تدخلت الدول الأوربية خوفا من نتائج ذلك النصر، وحدثت معركة – نفارين- المشهورة
التي انتهت بتدمير الأسطول المصري العثماني بينما كان البطل إبراهيم باشا في داخل البلاد
يطارد اليونانيين.
وتحت
تهديد الدول الأوربية المنتصرة استدعى محمد
علي ابنه إبراهيم باشا من بلاد اليونان، فعاد إبراهيم باشا من المورة، ومعه بعض الأسر
الإسلامية التي ناصرته وساعدته في هذه الحرب، و التي خافت على نفسها شر الحرب الأهلية
التي اشتعلت بين المسلمين والمسيحيين هناك.
عاد
إبراهيم باشا ومعه هذه الأسر ليسدى لهم من المعروف جزاء ما أسدده له من نصر ومساعدة.في
عام 1828 / 1829م. وهنا يبدأ تاريخ الإبراهيمية حيث وقع اختيار إبراهيم باشا على مكانها
لتكون مقراً لبعض هذه الأسر التى حضرت معه من المورة، ولذلك سميت بالإبراهيمية نسبة
إلى منشئها إبراهيم باشا، كما عرفت باسم المورلية – لأن تأسيسها كان على أيدى المهاجرين
ا لمرلية حيث أنعم عليهم بأراضيها إبراهيم باشا، وقسمها عليهم فجعل لكل عائلة منهم
30 فدانا فأقاموا بها، وبنوا فيها منازل ، وصارت بلدة عامرة من ذلك التاريخ بعد أن
كانت مستنقع مياه، ولذا أطلق عليها أيضا اسم العمارة لهذا السبب
وأهم
هذه الأسر التى أسكنها إبراهيم باشا بلدة الإبراهيمية هي: حفيظ – والأسطى – والحاج
بليغ والى الكبير – العجوز – شمت – المرعشلى – بكير ليده – مرتضى عبدوش – أبو زيكو-
عريف – دليب – خربطولى – اشكدرلى – ملطيلى – شكرى.
وقد
كانت الإبراهيمية فى أول عهدها تمثل الحضارة العربية والروح الدينية. فقد كانت بيوتها
منظمة منسقة كما اشتهر أهلها بالتفنن فى طهي الأطعمة والحلوى على الطريقة التركية،
كما كانوا يحيون الليالى بالغناء والموسيقا ترفها عن نفوسهم. وفى شهر رمضان كانوا يفتحون
بيوتهم، و يستحضرون مشاهير القراء لتلاوة القرآن وإحياء لياليه إذا كان يفد عليهم كثيرون
من أهل القرى المجاورة.
• حكاية
العمدة اليوناني في الشرقية!!
وقد
نصب إبراهيم باشا المورلين فى بلدة الإبراهيمية أربعة من أعيانهم كالعهد فى بلاد الريف
فلما ماتوا خلفهم أخلافهم وكان بها مجلسان للدعالوى والمشيخة ولما استفحل العمران بالإبراهيمية،
واستوطنها كثير من سكان البلاد الأصليين الذين كان يلقبهم المراليون – بالمصريين- نشأ
بين الفريقين حب التنافس ورفض كل منهم أن يخضع لحكم الآخر. لذا أجابت الحكومة إلى مطالب
المصريين الأصليين، واختارت لهم من بينهم عمدة، وبذلك صار للإبراهيمية عمدتان أحدهما
مورلى لأبناء جنسه، والآخر مصري لبنى جنسه، ولم يستمر هذا النظام إلا فترة وجيزة عاد
بها الحكم لعمدة واحد يختار من بين أهل البلدة جميعا بعد أن ارتبط ا لفريقان برباط
المحبة والنسب.
وقد
كان هؤلاء المورليون الذين استوطنوا الإبراهيمية محل عطف ورعاية من البيت المالك ,كما
كان لهم من الحظوة ما مكنهم. من أن يجيروا الفارين من السخرة والعمليات والجندية.,
كما منحوا امتيازات كثيرة منها إعفاء أولادهم من الجندية وأعمال السخرة التي ذاق الفلاحون
فى ذلك الحين مرارتها. وبقيت أطيانها في أيديهم
بلا مال لإصلاح أرضها فأصلحوها وعمروا أرضها إلى أن ربط عليها العشورفي سنة 1272هـ.
قامت
الحكومة بإنشاء مركز بوليس بها سنة 1880 ولقد كان من حسن طالع المركز أن عمل فيه (شاعر
النيل الكبير المرحوم حافظ بك إبراهيم) بوظيفة معاون بوليس المركز من 24/3/1895 إلى
15/10/1895.
وقد اشتهرت الإبراهيمية بوجود العديد من
محالج لحلج الأقطان، ومعامل لتربية دودة الحرير وصناعة الحرير، وقد استحضر لذلك إبراهيم
باشا عائلة متخصصة فى ذلك من القليوبية، وعلى رأسها المرحوم الحاج إبراهيم النجشونجى،
ومازالت هذه العائلة بالإبراهيمية إلى الآن، كما تعددت متاجرها الكبيرة التى كانت مقصدا
لكثير من تجار الأقاليم المجاورة، وقد كانت ملاحتها النهرية تجلب لها كثير من الخيرات
لاتصالها بالنيل وبالبحيرات.
وتبارى
أهل الإبراهيمية في إنشاء المباني على أحسن طراز، ومن أفخم دورها حينئذ ذلك القصر العظيم
الذي ابتناه إبراهيم باشا لنفسه فيها فى الناحية الشمالية منها، وفى المكان المعروف
الآن –بعزبة القصر – نسبة إلى هذا القصر العظيم الذي كان يتخذ منه إبراهيم باشا مقرا
له عند تشريفه للإبراهيمية، وكثيرا ما كان يشرفها.
وفى
سنة 1848 أصيبت الإبراهيمية في منشئها وراعيها – البطل الخالد – إبراهيم باشا فأصابتها
نكسة واضمحلت بعدها تدريجا وكان من أثر ذلك حرمانها من المدرسة الابتدائية سنة
1903 ومن مركز البوليس سنة 1902 فنقلت المدرسة إلى مصر القديمة، ونقل المركز إلى كفر
صقر.
وظلت
الإبراهيمية محرومة من مركز البوليس حتى سنة 1915م حيث أنشأت فيها وزارة الداخلية نقطة
" للبوليس" وظلت الإبراهيمية كذلك محرومة من المدرسة الابتدائية حتى سنة
1945 حيث أنشأت وزارة المعارف بها المدرسة الابتدائية للبنين فى 5/11/1945 وكان عدد
تلاميذها 240 تلميذا في سنة 1948م ووجدت بها في نفس العام , مدرسة ريفية نموذجية., مدرسة أولية للبنين, مدرسة أولية للبنات ، ضموا
أكثر من 500 تلميذ وتلميذة عام 1948م ، يا له من عالم فريد توارى بين طيات الزمن .
الصور
من أرشيف د. عمرو منير
من كتاب
الشرقية ذاكرة الشوارع وحكايات المدن د. عمرو عبد العزيز منير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق