ههيا بقلم الدكتور علاء مرواد
ههيا من البلدان
القديمة وقد ذكر جوتييه في قاموسه قرية باسم Hehou
هيهو وربما هذا الاسم تم تحريفه زمن العصر البطلمي من حي حور إلى
هيهو لأن البطالمة كانوا يونانيين ينطقون الحاء هاء، ومعنى حي حور هي بلدة الإله حتحور،
والتي يرمز لها برمز البقرة وهي رمز الحنان والعطف والأمومة، وهو الاسم المصري القديم
لهذه البلدة وزكرها ابن مماتي في قوانينه وفي تحفة الإرشاد هيهيه بالهاء وليس بالواو
أو الألف، وهي من أعمال الشرقية، كما ذكرت ههيا في كتاب وصف مصر لعلماء الحملة الفرنسية
عام 1800 م بأنها كانت بلدة صغيرة محاطة بغابة كثيفة من النخيل وكانت تضم سكانًا كثيرين
كما كانت توجد حول أسوارها زراعة ممتازة ليست لدى البلدان المحيطة بها وكان النخيل
يزرع في شكل تخميسة أي أربع في زوايا المربع وواحدة في الوسط وبعناية تشبه العناية
التي تلقاها الحدائق الأوروبية، وتحاط المدينة بسور به فتحات يبلغ ارتفاعه خمسة أمتار
وهو في حالة جيدة وتعلوه أبراج قوية مسلحة بصف مزدوج من متاريس الطوابي، وتعلو أبوابها
التي صنعت بشكل اسطواني جزءًا من هذا السور ( نستكمل تاريخ ههيا فيما بعد )
تاريخ ههيا ٢
أنشىء قسم ههيا في سنة 1826 م وجعلت ههيا مقرًا
له إلى أن نقل منها ديوان المصالح الحكومية إلى بلدة الإبراهيمية في عام 1881 م، وفي
عام 1896 م ألغى مركز الصوالح ( العلاقمة ) ونقل ديوان المصالح الحكومية مرة أخرى إلى
ههيا لوجودها على السكة الحديدية وبذلك أعيد تكوين مركز ههيا للمرة الثانية ومن البلاد
القديمة في مركز ههيا كما ورد في القاموس الجغرافي للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين
حتى عام 1945 م لمحمد رمزي ( ههيا، الإبراهيمية،
الحلوات، الدهتمون، الرحمانية، الرياض، الزرزمون، السلامون، الشبراوين، العدوة، العلاقمة،
السدس، العواسجة، الفواقسة، القراموص، المجفف، المحمودية، بني عياض، بيشة قايد، تل
محمد، جزيرة الشيخ، حوض نجيح، شرشيمة، شرقية مباشر، صبيح، طواحين كراش، طوخ القراموص،
فراشة، قطيفة مباشر، كفر السطوحية، مباشر، منزل حيان، مهدية ) والبلاد الحديثة هي ( الإحسانية، الحبش،
السكاكرة، رُبع المطاوعة، كفر أبو حطب، كفر السواقي، كفر الشرفا البحري، كفر الشيخ
الظواهري، كفر الشيخ داوود، كفر العايد، كفر المحمودية،كفر أولاد عطية، كفر جنيدي،
كفر حمد موسى، كفر حمودة أرناؤط، كفر عجيبة، كفر عط الله سلامة، كفر عمر كردي، كفر
محسن، كفر مهير، منشأة المناسترلي، منشأة غالي منصور )
تاريخ ههيا 3
وقد جاء في كتاب وصف مصر لعلماء الحملة الفرنسية
أنهم قد كُلفوا بالبحث عن فرع النيل التانيسي الذي كان يصب مثله مثل بقية فروع النيل
السبعة القديمة في البحر المتوسط وقد اندثرت هذه الأفرع ما عدا فرعي رشيد ودمياط فكان
هناك في شرق مصر فرعين مشهورين الأول اسمه فرع النيل البيلوزي وكان يقع بين خليج السويس
والفرع التانيسي وهناك أيضًا الفرع التانيسي وكان يقع بين الفرع البيلوزي وفرع دومياط
وهو مجال حديثنا الآن فقد قال الرحالة الفرنسيون عندما رأوا ترعة بحر مويس بداية من
تل بسطة حتى ههيا أن الناظر إليها من الوهلة الأولى يجد أنها لم تحفرها يد الإنسان
وإنما هي فرع النيل الذي جاءوا لاكتشاف مجراه وهو الفرع التانيسي للنيل وأن هذا البحر
كان فرعًا كبيرًا من فروع النيل ثم صغر حجمه بحكم عوامل التعرية وعدم الاهتمام بتطهيره
وقالوا إن عرض بحر مويس أثناء الزيارة كان 150 متر وأن عرض فرع دمياط كان 300 متر وأنا
أعتقد أن بحر مويس الذي يصب في بحيرة المنزلة كان هو فرع النيل التانيسي القديم وكان
اسمه بحر موسى نسبة إلى موسى عليه السلام فلما صغر حجمة بمرور آلاف السنين تم تصغير
الأسم فأصبح مويس وأعتقد أن هذا البحر هو ذلك اليم الذي ذكر في القرآن الكريم والذي
ألقي فيه موسى وهو صغير لتتلقفه إمرأة فرعون أو ابنته أثناء استحمامها في هذا البحر
وقد اكتشفت مدينة برعمسيس وهي عاصمة رمسيس الثاني وابنه مرنبتاح وابن ابنه سيتي الثاني
في مدينة قنتير على بعد 11 كم شمال فاقوس شرقية طريق الحسينية وهذه العاصمة القدية
يشك العلماء بأنها هي التي تربى فيها موسى عليه السلام وأن سيتي الثاني هو فرعون الخروج
الذي غرق في اليم، ولأن هذا البحر يمر قبل نهايته بقليل في بحيرة المنزلة على مدينة
تانيس القديمة وهي صان الحجر حاليًا في شمال الشرقية ومن المعروف أن تانيس كانت عاصمة
الهكسوس في مصر وهؤلاء الهكسوس المحتلين من آسيا هم الذين جاء بني إسرائيل ( يوسف وإخوته
) في عهدهم ومن ذريتهم موسى وهارون فأنا أعتقد أن هذا البحر ( بحر مويس ) هو بحر موسى والله تعالى أعلى وأعلم
( كتاب وصف مصر، الجزء الثالث، دراسات عن المدن والأقاليم، ترجمة زهير الشايب، القاهرة،
الهيئة العامة المصرية للكتاب، 2002 ) .
تاريخ ههيا ٤
ذكر علماء الحملة الفرنسية في كتاب وصف مصر أن
سكان ههيا كانوا ينشئون أبراجا عالية من الطوب والطين ليس لها أي سلالم سوى سلم مصنوع من الحبال كان السكان يستخدمونها
ويصعدون إليها عندما تهاجمهم القبائل البدوية المجاورة لهم وقد جهزوها بالطعام والشراب
ومن ثم يسحبون السلالم المصنوعة من الحبال إلى أعلى البرج فلا يستطيع المهاجمون الصعود
إليهم فيأخذون غرضهم من بعض الغلال او الخضروات الموجودة بالمدينة ويرجعون مرة أخرى
فينزل الاهالي سالمين من بطش هذه القبائل المعتدية .
كما ذكر كتاب وصف مصر لعلماء الحملة الفرنسية
بأن سكان ههيا كانوا أكثر تحضرًا من جيرانهم وأنهم خرجوا لاستقبالنا ليقدموا لنا الأطعمة
ولم نلمح من بينهم رجلا مسلحًا بينما كان الناس في البلاد الأخرى يحملون السلاح ويسودهم
روح التمرد والضجر، وابتداءًا من ضواحي المدينة وحتى الجزء الأدنى من بحر مويس لاحظ
علماء الحملة الفرنسية على الشاطئين وجود عدد كبير من الأبراج المبنية بلا أبواب ولا
نوافذ والتي تخترقها بعض الطوابي ( أماكن تمركز المدافع ) وهذه الأبراج كانت تستخدم
كمأوى للسكان عندما يفاجئهم أو يلاحقهم بدو الصحراء فيصعدون إليها بسلالم من حبال ( نستكمل تاريخ ههيا فيما بعد )
تاريخ ههيا ٥
ذكر المؤرخ المصري عبد الرحمن الرافعي في كتاب
الحركة الوطنية أن أهالي ههيا وابو ياسين وأبو الشقوق وكفر صقر قاموا بقطع خط السكك
الحديدية بإزالة قضبان القطار الذي يعتبر رمزا
للاحتلال البريطاني لمصر ابان ثورة ١٩١٩ فكان لأهالي هيها دورا وطنيا أحدث صدا واسعا
في أحداث الثورة آنذاك.
تاريخ ههيا
(6).
سبق وأن تم نشر سلسلة تاريخ مدينة ههيا في خمس
منشورات قصيرة وموجزة تم من خلالها عرض نبذة مختصرة عن تاريخ المدينة منذ نشأتها أيام
المصريين القدماء وحتى بداية القرن العشرين ودورها في الحركة الوطنية أثناء ثورة
1919م ، وسوف أضمن هذا المنشور في اول خمس تعليقات روابط سلسلة تاريخ ههيا من (1 -
5).
والآن سوف أضيف المنشور السادس والذي يلخص السيرة
الذاتية لأحد أعلام ههيا في منتصف العقد الثالث من القرن العشرين ونشر بعض الصور التذكارية
التي احتفظ بها ووثق بها بعض أحداث التاريخ الاجتماعي لهذه المدينة, ويمكن القول بأن
تدريس التاريخ الاجتماعي أصبح الآن من أهم مداخل تدريس التاريخ الحديثة والتي يوصي
باستخدامها الباحثين في مجال مناهج وطرق تدريس التاريخ ومن أهم مضامين التاريخ الاجتماعي
( تاريخ العائلات، تاريخ الطبقات الاجتماعية، تاريخ المؤسسات الاجتماعية، العادات والتقاليد
والقيم، الأعياد والاحتفالات، الموسيقى والغناء والرقص، الأطعمة والمشروبات، الملابس
والزينة، وسائل التربيه، الألعاب الرياضية، أحوال المرأة، خصائص السكان، الحرف والمهن
والصناعات، المرافق والخدمات، الأسماء والكنيات)
وشخصية اليوم وإن لم يولد بمدينة ههيا ولكنه عاش
فيها وارتبط بها وارتبطت به وأصبحت جزءً لا يتجزأ من تكوينه المهني والاجتماعي هو وأبناءه
وأحفاده من بعده والذين لا يزالون يسكنونها وتسكنهم حتى الآن... هو الشيخ القاضي الشرعي
لمركز ومدينة ههيا
(علي محمود محمد
بدران ( 1892 - 1977 م ).
ولد الشيخ علي محمود محمد بدران بقرية ساحل الجوابر
التابعة لمركز تلا محافظة المنوفية وهي الآن تتبع مركز الشهداء في آواخر القرن التاسع
عشر وتعلم في كتاب القرية ثم التحق بمعهد طنطا الثانوي الأزهري بمحافظة الغربية ثم
انتقل إلى الأزهر الشريف بالقاهرة ليتم تعليمه الأزهري ويمنح شهادة العالمية من الملك
فؤاد الأول على المذهب الحنفي عام 1343 هـ 1922 م ثم يدرس بعدها أربع سنوات بالأزهر
الشريف لإعداده كقاضي شرعي بمحاكم المملكة المصرية ويعين قاضي محكمة مركز ومدينة ههيا
الشرعي عام 1926 م حتى عام 1956 م وقد وثق حضوره بعض المناسبات بحكم وظيفته بالصور
الفوتوغرافية التي تعكس إلى كل من يتأملها طبيعة العصر الذي تنتمي إليه والقيم والعادات
والتقاليد وطبيعة الملابس والأسماء والكنيات والتراث العمراني للموظفين العموميين وبعض
أعيان عائلات ههيا في تلك الفترة التاريخية.
ويمكن عرض هذه الصور التاريخية ومناسباتها ليتمكن القارئ من بناء صورة تاريخية
في مخيلته عن مدينة ههيا في الفترة من 1942 - 1956 م.
❖❖══❖◎◎❖═══❖❖
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق