الثلاثاء، 6 مايو 2025

لمحة تاريخية عن أبي كبير

 لمحة  تاريخية عن أبي كبير 

ابو كبير


موقعها الجغرافي ومميزاتها

أبو كبير إحدى مراكز مديرية الشرقية ، وهى على ربوة مرتفعة ساعدتها على اعتدال جوها وفي الصيف وبخاصة لبعدها عن شاطىء البحر وقربها من الصحراء الشرقية، كانت أمطارها الشتوية قليلة ، وقد ساعدها توسطها بين مدن مديريتي الشرقية والدقهلية على أن تكون مركزاً هاما للمواصلات في شرقى الدلتا فتمر بها أو تبدأ منها الخطوط الحديدية التابعة للحكومة المصرية أو لشركة سكة حديد الدلتا  هذا عدا السيارات المختلفة للركاب والبضائع.

لمحة  تاريخية عن أبي كبير :

لم يمكنا الوصول إلى تاريخ نشأة البلدة. وإنما الذي شاع بين أهلها أنها سميت أبو كبير نسبة إلى كبير بن عامر بن الحليس من بني سعد بن هزيل العدناني أخو قريش ، وربما كان ذلك صحيحا ، فلقد ثبت من سلسلة المحاضرات التي ألقاها يوسف أحمد باشا على مدرسي وطلبة المدرسة الخديوية الثانوية سنة ۱۹۱۷م والتي دونها في كتابة مدينة الفسطاط، أن قبيلة هذيل سارت فى جيش عمرو بن العاص وكان لها في الفسطاط خط  فلعل هؤلاء الهذليين هم الذين استوطنوا أبا كبير فنسبت إلى رجل منهم .

ولكن أقدم المراجع التي ذكرت اسم أبو كبير ، كتاب ، قوانين الدواوين ، لمؤلفه أسعد بن المهذب ابن مماتى الذى تولى ديوان المالية سنة  557 هجرية كتبها " بو كبير" باللهجة العربية الشائعة فى عهده لقوة نفوذ المغاربة أصحاب الجاه والسلطان في عهد الدولة الفاطمية ثم ذكرت بين أسماء المدن المصرية في كتاب التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية لابن الجيعان الذى توفى سنة ٨٣٢ هجرية , في عهد المماليك الجراكسة.

ولما جاء محمد على باشا رأس العائلة العلوية نهض بالبلاد فكانت من آثاره العمرانية في أبي كبير أن شق ترعة الصادى سنة ۱۸۲۰ م التي سميت باسم ملتزم الناحية من قبل " شاهين الصادي "، وبنى بها تفتيشا للجفالك - تلك الأراضي التي خص بها محمد على باشا أفراد أسرته وكبار حاشيته وأعفاها من الضرائب،وكانت في أول الأمر مقصورة على حق الانتفاع بها ولكن محمد على باشا خول للأمراء حق التصرف الشرعي في هذه الأراضي ولورثهم في أواخر حكمة سنة ١٨٤٢م وفي عهد سعيد باشا تقرر حق ملكية الأراضي بمقتضى قانون سنة ۱۸5۸ م . فأصبحت أراضى أبى كبير ملكا للست (حشم أمينة هانم ).

 

وفى عهد الخديوى إسماعيل باشا قضى على ملك الست حشم أمينة هانم، إذ حدث أنه لما ساءت حال المالية المصرية تدخل الأجانب لمراقبة المالية المصرية وتألفت لجنة التحقيق العليا التي اعتبرت الخديوى نفسه هو المسئول عن مبالغ الديون وطالبته بالتنازل عن أطيانه المعروفة بأطيان الدائرة السنية والدائرة الخاصة فتنازل في ذلك الوقت بعض الأمراء والأميرات عن بعض أملاكهم ولما كان بعض الديون لتجار ومقاولين ورواتب ومعاشات متأخرة للموظفين أخذ هؤلاء أرضا بأبي كبير بدلا من ديونهم وهذا هو السر في أن عزب أبي كبير لا تسمى باسم أهلها الأصليين مثل عرب حامد وفاضل ونسيم والصبان والباشا وعبد الرحيم حجازى محمد لا يمتون لأهل أبي كبير بأي صلة. وفى عهد الخديوى إسماعيل مد الخط الحديدي الذي يصل الزقازيق بالمنصورة ماراً بها سنة ١٨٦٥ م ، ثم الخط الحديدى الذى يصلها بفاقوس والصالحية سنة ١٨٦٩ م . كما حفرت فى عهده ترعتا الجنابية فى وسط أبي كبير والرمل في جنوبها سنة ١٨٧٠ م

ولقد حدثنا على باشا مبارك وزير المعارف في عهدى الخديوى إسماعيل والخديوى توفيق عن أبي كبير في كتابه المشهور" الخطط التوفيقية" ، ( الجزء الثاني) لأنه اشتغل فى أبى كبير فى حداثته كاتبا للأنفار لدى مأمور زراعة القطن عنبر أفندى السودانى بمرتب ضئيل وذلك قبل أن يختاره محمد على باشا للسفر مع أبنائه إلى فرنسا لإتمام دراسته قال :

أبو كبير هذه الناحية عبارة عن عدة كفور من قسم الصوالح بمديرية الشرقية وجميعها ذات نخيل بكثرة ، وهي واقعة في جزيرة مرتفعة عن المزارع بنحو مترين، ويجاورها في الجهة الشرقية السكة الحديد الذاهبة للمنصورة وبها محطة المرور وديوان التفتيش التابع ( للجفالك ) وبها بساتين مشتملة على الليمون ، وبها دكاكين وتجار من الدول المتحابة يتاجرون فى القطن والأبزار ونحوها ، وبها أرباب حرف ومكاتب أهلية ومجلسا مشيخة ودعاوى وأبنية البلدة باللبن الرملى وسقوفها من خشب النخيل والجريد ، وتمر بها السكة الحديد الموصلة إلى الصالحية وبعدها عن قرية فاقوس نحو عشرة آلاف متر إلى الجنوب ، ومن شرقيها جزيرة أبو كبير ( يقصد جزيرة فاضل سنتريس ) وهى رمال غير صالحة للزرع ومرتفعة عن  المزارع نحوا من ثمانية أمتار إلى ثلاثة أمتار. وتكسب أهلها من الزراعة سيما البطيخ وثمر النخيل وعدتها ذكورا وإناثا ٣٢٤٣ نفسا وأطيانها ٣٣٣٢ فدانا وكسر.

هذه صورة صادقة لأبي كبير في عهد محمد على باشا حتى نهاية عهد إسماعيل ، إلا أنه يمكننا أن نقول إن على باشا مبارك لم يتحر الحقيقة فى كتابته عن تعداد أهل أبي كبير أو عدد أطيانها ، وإن ما كتبه كان من باب التخمين فقط لأنه عثر على مخطوط قديم ورثه حضرة صاحب العزة أحمد بك السيد سالم نائب أبي كبير عن جده سالم السيد ناظر الزراعة بإدارة تفاتيش الجفالك بالشرقية في عهد المغفور له سعيد باشا ، وقد ذكر فى هذا المخطوط أراضى أبي كبير المتنوعة التربة من منزرع ورمال والبالغة ٧٧٦٣ فدانا وربما كان تخمين على باشا مبارك في تعداد الأنفس غير صحيح أيضا، إذ أن أبا كبير هى الآن أول بلد آهلة بالسكان بعد الزقازيق بمديرية الشرقية فتعدادها حسب سنة ١٩٤٧ م  : ٢٦٣٩٢ نسمة

وفي عهد الخديو عباس الثاني ظهرت الملكيات الفردية بين أهالى أبي كبير عندما عرض القومسيون الذي حل محل إدارة الجفالك الأراضى الضعيفة للبيع بالمزاد فاشتراها الكونت سليم شديد و أخوه رزق الله شديد ومنذ ذلك الحين بدأت صفقات البيع منها للأهالى وكانت أول الملكيات الفردية بأبي كبير للمرحوم السيد بك سالم والمرحوم سيد أحمد نمر سنة ١٨٩٣م

وفي عهد الخديو عباس أيضا أنشأت شركة الدلتا الإنجليزية بالبلدة الخط الحديدى الضيق سنة ١٩٠٠م الذي يوصلها بمعظم بلاد مديرية الشرقية والدقهلية .

و في عهد المغفور له الملك فؤاد الأول تعبدت الطرق الزراعية الموصلة بين أبي كبير وجاراتها القريبة والبعيدة من مدن مديريتي الشرقية والدقهلية ، فساعد ذلك على سير سيارات الركاب والبضائع منها وإليها مما يسر المواصلات إلى مختلف بلاد القطر . كما كان من نتائج اهتمام الملك فؤاد الأول بالرى والتعليم أن بنيت هندسة الرى عام ۱۹۲۲ م وشيدت بها مدرسة ابتدائية أميرية سنة ١٩٢٧ كانت نتائجها دائما ممتازة .

ولم تكن هذه المدرسة بأولى مدارس أبي كبير الابتدائية ، فلقد أنشئت بها مدارس ابتدائية من قبل، وكانت أولى هذه المدارس مدرسة النجاح التي أنشأها الأستاذ نافع محمد قبل سنة ١٨٩٠ م ، ولكنها توقفت عن الدراسة لعدم وجود المال اللازم للقائمين بأمرها ، فأنشأ إسكندر وكيرلس مدرستين للتبشير المسيحى لم يلقيا إقبالا فأغلقنا عندما خشى أهل البلدة أن تتزعزع عقيدة أولادهم فعقدوا اجتماعا وقرروا فيه إنشاء المدرسة الحميدية الاسلامية سنة ١٩٠٤م ، وكانت هذه المدرسة محل إعجاب الأهالى جميعا فأحرزت نجاحا باهرا وحصلت على نتائج لا يستهان بها، كما كان لها نشاط ملحوظ فى المباريات الرياضية والموسيقية . ففي سنة ١٩٠٦ تغلبت على مدرسة جمعية العروة الوثقى بالاسكندرية فى مباراة حضرها الخديو عباس نفسه وأمراء البيت المالك وولى عهد اليونان الذي كان يزور مصر في ذلك الوقت.

 وفى عهد مولانا جلالة الملك المعظم فاروق الأول دبت في البلدة نهضة مباركة أتت بأطيب الثمرات فاتسعت فيها دور العلم وأصبح بها مدرسة ثانوية أميرية تضم نحو ثلثمائة طالب ومن بين تلاميذها ـ عدا أبناء أبي كبير وقراها المختلفة - أبناء فاقوس والصالحية وكفر صقر وههيا وأعمالها .

وفي البلدة مدرسة ابتدائية أميرية بها عشرة فصول مزدحمة، ومدرسة أهلية ابتدائية، ومدرسة للصناعات الأولية، ومدارس أخرى أولية للبنين والبنات ، مدرسة لتحفيظ القرآن ما رقى من مستوى البلدة الاجتماعي وجعلنا نترقب حظا سعيدا لأهلها في المستقبل القريب خصوصا إذا تم إنشاء مدرسة ابتدائية للبنات اللاتى يذهبن إلى مدارس الزقازيق فى القطار ، وهذا يتنافى مع مافى طباع أهلها من العادات والمحافظة ، وإنشاء مدرسة تجارية للبنين ، إذ أن عماد الثروة في أبي كبير هي التجارة .

تاريخ التجارة في أبي كبير :

كانت التجارة فى عهد محمد على باشا محدودة فقد كانت الحكومة فى ذلك الوقت مهيمنة على التجارة ،وكانت محتكرة للمحصولات الزراعية تستولى عليها وتحدد أثمانها وتبيع الفائض منها بعد أن تستهلك ما يلزم لحاجة الجيش ، والموظفين فبالرغم من أن محمد على باشا أنشأ محلجا للأقطان بأبي كبير لم تكن تجارة الأقطان والحبوب متداولة بين أهلها بل كانت تجارتهم مقصورة على الماشية والخيول والجمال والأغنام والبضائع القليلة التى ترد من الأقطار القريبة لقلة وسائل النقل في ذلك الوقت وعدم ثقة الأوربين في أمن البلاد ونظمها وقوانينها لم يهبط  أحد منهم أبا كبير لإستثمار أمواله فيها . فلما ألغى سعيد باشا نظام احتكار الحكومة الحاصلات وتودد للأجانب وفد كثير منهم إلى مصر خصوصا بعد حفر قناة السويس في عهد الخديوى إسماعيل التي حولت التجارة من رأس الرجاء الصالح إليها فتدفقت الأموال الأجنبية على مصر لاستثمارها ولسهولة المواصلات إلى أبى كبير في عهد الخديوى إسماعيل وسذاجة الأهالى فيها في ذلك الوقت وجد الأجانب فيها مرتعا خصيبا لتجارتهم وبخاصة تجارة القطن فربحوا أموالا طائلة بطرقهم الخاصة . ولما نشأت حلقات القطن بعواصم المديريات كانت أقرب الحلقات إليها حلقتا المنصورة والزقازيق فبدأ الأهالى يمارسون الإتجارفي فضلات القطن ثم ما لبثوا أن عرفوا الأنظمة المتبعة في تجارة القطن ومهروا فيها ثم أنشئت حلقة الأقطان بها سنة ۱۹۱۲م . ولما نشبت الحرب العالمية الأولى ربح تجارها أرباحا وفيرة وتضخمت ثروة المشتغلين بتجارة القطن بعد سنة ۱۹۱۸م عندما عقدت الهدنة وبدأت الملاحة البحرية وارتفعت أسعار القطن حتى لقد قدرت ثروة أحدهم ( الجعبيرى ) بأكثر من نصف مليون من الجنيهات. وفي عام سنة ١٩٢٤ م . عندما عملت وزارة سعد زغلول باشا على تعميم إنشاء غرف تجارية في عواصم المديريات والمراكز أنشئت بأبي كبير غرفة تجارية بالرغم من عدم وجود مركز بها في ذلك الوقت وكانت هذه الغرفة حائزة التقدير وثقة أولى الأمر في مصر فأصبحت عضوا في لجنة وضع مشروع الغرف التجارية الذي كان يرأسه ويصا بك واصف واستمرت بخطا ثابتة ناجحة حتى عام ۱۹۳۲م : وفى البلدة الآن عدد كبير جدا من المتاجر الجميع أنواع البضائع والحبوب . ولقد حدثت عدة محاولات لتكوين جمعيات تعاونية بأبي كبير منذ سنة ١٩١٢م حتى سنة ١٩٤٥م ولكنها فشلت جميعا وربما كان سبب ذلك الخلق التجارى الذى لا يعرف من التعاون إلا الربح ولا يستسيغ فرض الأسعار وتحديدها . فلقد تأثر الشعب في أبي كبير بصفات التاجر حتى لتجدهم غيورين نشطين مغامرين يهدفون إلى الثروة والغنى بكافة الطرق والوسائل. ولقد أصبحت التجارة لديهم عادة وغزيزة يتوارثها الأبناء عن الآباء فتأثروا بها إلى الحد الذى صرف كثيرا منهم عن المثابرة على تلقى العلم قبل هذا الوقت . أما الآن وقد تمت ثروة الأهالى وتقدمت بلدتهم وكثر عدد المعاهد فيها فقد أقبلوا على العلم بشغف وساعدتهم التجارة على حيازة أراض شاسعة داخلها وخارجها .

الزراعة والصناعة بأبي كبير :

أما الزراعة فقد كانت قبل عهد محمد على باشا تعتمد على مياه الأمطار أو ما ترفعه السواقي من الآبار أو ما يتسرب من ترعتى بحر مويس وفاقوس من ماء وقت الفيضان، ولكن عندما حضرت ترعة الصادي في عهد محمد على باشا ، وترعتا الجنابية والرمل فى عهد الخديوى إسماعيل باشا انتظمت الزراعة بأبي كبير وزرعت جميع محاصيل القطر المصرى ، وبمرور الزمن أصبحت أرضها خصبة ومحاصيلها جيدة وافرة وحلت بساتين المانجو والجوافة والبرتقال واليوسفى محل بساتين البطيخ والنخيل والليمون التي حدثنا عنها على باشا مبارك في الخطط التوفيقية، ولقد ساعد هواؤها واعتدال مناخها على قلة إصابة المحاصيل الزراعية بالآفات وخاصة القطن كما ساعد على تقدم الزراعة في البلدة إرشادات رجال وزارة الزراعة الكثيرين بها ، وما زالت البلدة إلى الآن مشهورة بالفول السودانى ولكن اهتمام الأهالى منصرف إلى زراعة المحاصيل المهمة كالقطن والأرز والقمح والذرة .

ولم يعتن أهل البلدة بالصناعة كما اعتنوا بالتجارة والزراعة، فمعظم صناعاتهم ريفية فتشتهر أبو كبير بصناعة الحصر وعمل الأثاث من جريد النخل وكثير من أهالى أبي كبير لهم إلمام بتصليح آلات السيارات وتركيبها ولعل ذلك قد حصل لقرب البلد من التل الكبير والقرين معسكر الجيش البريطاني مدة الحرب واشتغال كثير من العمال به حتى حذقوا هذه الصناعة ، وفى البلد عدا مطاحن الغلال ومحلج القطن ومعاصر الزيوت مصنع حديث للثلج يصدر إلى جميع البلاد القريبة كفاقوس وههيا وكفر صقر ، وقيل إن إنتاجه وصل إلى الزقازيق كما توجد بها مصانع للمياه الغازية .

ضواحي أبو كبير الأثرية :

ومع أن أبا كبير ليس لها شأن يذكر فى تاريخ مصر القديمة إلا أن بعض أعمالها لها قيمة أثرية عظيمة فبلدة هربيط مثلا من أعمال مركز أبي كبير، وتبعد عنها بنحو خمسة كيلومترات ، وهي بلدة قديمة توالت عليها العصور منذ عهد الفراعنة وخلفت فيها آثارا قيمة، وقيل أنها كانت حاضرة لإحدى مديريات الوجه البحرى، وعلى تلها الكفرى مبان من اللبن أقيمت في عهد أجددانا الفراعنة القدماء، وقيل أنه كان فوق التل قلعة كبيرة ترجع إلى عصر حكم الرومان أخذت عمدانها الجيرية المكسورة ووضعت الآن في زوايا الشوارع وأمام المنازل وعلى الأضرحة كما وجدت تماثيل كثيرة مكسورة من الجرانيت، وقد رأينا أثناء تجوالنا فيها تمثالا يكون جزءا من مصطبة في أحد المنازل ([1])، كما توجد مبان كثيرة ترجع إلى العهد الروماني أيضاً ذات أبواب سرية ربما بنيت في عصرالاضطهاد الديني الذي شنه أباطرة الرومان على أقباط مصر فقد كانت معظم عائلات هربيط قبطية ([2]) .

 وهى فى ذلك تخالف عائلات أبي كبير المتسللة من العرب ، إلا أن عائلات هربيط القبطية أسلمت بعد الفتح العربي مباشرة ، واختلطت بعائلات أخرى عربية صميمة ([3]) ، نزحت إليها من الحجاز ، وكان من آثار الفتح العربى فى هربيط حي الأربعين قيل إنه سمى كذلك نسبة إلى أربعين مجاهداً عربيا قتلوا في سبيل الله ، ودفنوا فيها ، وعلى تل أثرى أيضا مقام لشيخ يدعى الأمير نجم قتل في سبيل الله فبنى المقام تخليدا لذكره وأمام قبره عمودان رخاميان مكتوب على أكبرهما، بسم الله الرحمن الرحيم . قل هو الله أحد الله الصمد . لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد .. كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ، هذا قبر العبد الشاب المنعم في شبابه المأخوذ من بين أهله وأصحابه المقتول ظلما وعدوانا الأمير معين الدين نجم بن الأمير معين الدين إبراهيم قتل في العشرة الأولى من شهر رمضان سنة هجرية٦٠١ إحدى وستمائة هجرية رحمه الله ورحم من ترحم عليه ، وعلى العمود الرخامى الصغير، كل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام . فبأي آلاء ربكما تكذبان .

وفي عصر الظاهر بيبرس بني حماد البقرى مسجداً له مئذنة ارتفاعها ١٦ مترا مبنية من القرميد ما زالت موجودة سليمة إلا قمتها التي أزيلت حديثا وبها رسوم وزخارف ترجع إلى هذا العهد ، وبها سلم ذو ٥٣ درجة وهناك طريق يوصل من التفتيش إلى المسجد ينار بالكهرباء وبالبلدة حى يدعى حى الجيخانة قيل إنه يرجع إلى العهد التركي كانت توضع فيه الأسلحة والذخائر ، وبهذا الحى سراديب كبيرة يبلغ حاول كل منها نحو ٢٠ مترا وعرض الحائط نحو متر ونصف متر . والغريب أنك تجد المنازل في هريط تتكيف حسب الأحجار البازلتية الضخمة الموجودة على الأرض أو تبعا لجدران هذه السراديب التي تبيت فيها المواشي.

وفي عصر سعيد باشا أصبحت معظم أراضي هريط تفتيشا ملكا للست ماهوش البيضاء بنت المغفور له عباس باشا الأول المعروفة بوالدة المغفور له إبراهيم إلهامى باشا ، وأصبح التفتيش معروفا بوقف الحلمية ، ولقد قام الأستاذ عبد السلام عبد السلام بحفريات ،هريط ، ولكننا لا نعلم ماذا نتج عن حفرياتها سوى ما ذكرناه.

ولأبي كبير أعمال أخرى أثرية مثل أبو ياسين، وتقع فى الجهة القبلية من هربيط التي قيل إنه كان يربطها بها في قديم العهد طريق سرى ممهد مرصوف تحت الأرض طمست معالمه في العصر الحديث . وفى أبو ياسين اكتشفت مقابر للعجول وبها الآن خمسة توابيت من حجر الجرانيت الأحمر لعجول آبيس طول كل منها أربعة أمتار وعرضه متران و نصف وارتفاعه متران .

كما وجدت أوان فخارية كثيرة وطيور محنطة وأصبحت أبو ياسين قبلة للسائحين الذين يهبطون مصر للتمتع برؤية آثارها لسمعتها التاريخية ، وهذه البلدة تعتمد على أبي كبير اعتمادا كليا فأبناؤهم الذين بالمدارس الابتدائية والثانوية يذهبون إليها يومياً، ومن أبي كبير يشترون ما يلزمهم من لباس وطعام والفلاح فيها يحيا.

و عائلات أبو ياسين أغلبها قبطية قديمة، ولكنها اختلطت بعائلات عربية، وهم الآن يعيشون متكاتفين فيساهمون في المآتم والأفراح وتحضر العروس دائماً على هودج كعادة العرب يتقدمها رتل من الفتيات يغنين بأعذب الألحان البلدية ، وكثير من الرجال الذين يطلقون بنادقهم ابتهاجا وفرحا بمقدمها إلى بيت زوجها .

ويقال إن بين أبو ياسين وطوخ القراموص سراديب تحت الأرض ، إذ أن طوخ القراموص بلدة أثرية أيضا ، وهى من أعمال أبي كبير، وقيل إن اسمها معناه القلعة التي على الحدود ، وتوجد قرائن على أنها من العصر الروماني، ولقد عثر أحمد بك الألفى عمدة البلدة سنة ١٩٠٦ م على آثار موجودة الآن في دار الآثارالمصرية فى قاعة التحف مكونة من رأس صقر من الذهب له عيون من أحجار كريمة، كما وجدت دمالج ذهبية للملك أو الملكة وتاج، وقد قال مفتش الآثار إن السبائك الذهبية التي وجدت فيها ترجع إلى أكثر من٢٠٠٠ عام ، وقد وجدت نقود فى حجم القطعة الفضية ذات الخمسة قروش وأوان فضية أهلكتها الأرض كما يوجد بالبلدة الآن على تلها الكفرى شجرة للأراك يقال إنها عمرت ۲۰۰۰ سنة ، وبالبلدة آبار أثرية أيضا تماثل آبار صان الحجر .

ويقطن بطوخ القراموص الآن ۸۰۰۰ نسمة يعتمدون على الزراعة في كسب قوتهم والفلاح فيها كزميله في أبي ياسين يعيش على الفطرة ، وكان يوجد بالبلدة كفر للأقباط يدعى كفر سركيس منصور ولكنه اندثر من قبل مائة عام ، والأقباط فيها الآن قلة لانذكر . ويعتمد الأهالى فيها على أبي كبير في تعليم أولادهم وشراء حاجياتهم .

رمزى ميلاد أبو سيف

المدرس بأبي كبير الثانوية

كتاب الشرقية وسينا

بحث تنشره منطقة الزقازيق التعليمية

1368 هجرية- 1949م

من صفحة 116 الى 123

 

 



[1] وجد هذا التمثال في منزل شخص يدعى الحاج عبد الوهاب إبراهيم شمروخ

[2] عائلات غين وسلام وغارات وبرسى وقوقة والديلي.

[3] عائلة أبو عليوة من قبيلة البياضين من الحجاز وعائلة أبو جبل من نفس القبيلة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق