الزقازيق نشأتها
تطورها أهميتها
(هذا الحديث كان عام1948م)
زقازیق ۱۰۰۰ زقازیق ۱۰۰ عندما تسمع ذلك الاسم من شخص
يدور بخلدك معنيان مختلفان ، فهذا الشخص إما أنه جائع يحن إلى غذاء يشتهيه فيبرد
غلة حرارة الجوع، أو آت من بلدة بعيدة ينشد قرية صغيرة الحاجة يقصدها .
ما هذه الزقازيق التى اشتهاها هذا الجائع ؟ وما الزقازيق التي قصدها
ذو الحاجة ؟
الزقازيق اسم يطلق على سمك صغير له شوكة حادة فى ظهره لو أكلته ما
سلوته ، ثم تتجاوز معناه .. تلك البقعة الصغيرة التى عرف أهلها بصيده وبيعه ؟
تلك بقعة صغيرة كنت ترى فيها أكواخا وخياما وبين تلك الأكواخ الفقيرة
والخيام الرثة الحقيرة منزلان مبنیان باللبن هما أساس مدينتنا الحاضرة، وأول بناء
فيها، وفى تلك الأكواخ بين الترع والمستشفيات يعيش قوم من الصائدين تقوم حياتهم ومعيشتهم على صيد،
الزقازيق، وقد كان سكان القرى المجاورة يفدون إلى هذا المكان لشراء ذلك السمك فإذا
سئلوا عن مقصدهم أجابوا : الزقازيق ،، ومن ثم أطلق على هذا المكان اسم الزقازيق .
وإذا سرت في تلك البقعة تدهش إذ ترى مساحة كبيرة من الأرض تكسوها
الحشائش ، تتهادى في وسطها ترعة كبيرة أو بركة صغيرة عجيب جدا ماء عذب وبجانبه أرض
جرداء ، مما يثبت لنا مقدار اهتمام هؤلاء الناس بالصيد بدلا من الزراعة التى هى
مصدر الخير والبركة .. ولا عجب إذا علمت أن تلك الطبقة الفقيرة العفيفة الأبية، من سلالة العرب عرب
البادية الذين يرعون الأبل والأغنام وينفرون من الزراعة لأنها المهنة الحقيرة في
نظرهم، وتلك شيمة العرب، ازداد عدد هؤلاء القوم ، فاشتغل القليل منهم بالزراعة والبعض
الآخر بصناعة الحصر مما ينبت على حافات القرع والمستنقعات ثم تدرجت الحال من
جماعة من الصائدين إلى قرية صغيرة.
وفي أثناء تجوال ساكن الجنان المغفور له محمد على باشا عاهل مصر
الأعظم بالوجه البحرى مر بتلك البقعة ورأى المياه تنساب بين بور الأرض، فأصدر أمره
الكريم بإقامة قناطر عند بحر مويس الذي يروى أراضى تلك المديرية ليسهل وسائل الرى
بها ، وسرعان ما حضر المهندسون والعمال وشيدت لهم أكواخ من الطين والقش لإقامتهم وتم ذلك
سنة ١٢٤٨هجرية
....
AV-
ولما جاء الوالى ( محمد علي ) ثانية
إلى تلك القرية قسم أرضها بين أهل البلدة على شريطة أن يشيدوا بها منازل لإقامتهم
، وأن تحاط أرض كل شخص بالأسوار. وأخذ أصحابها يرغبون التجار والعمال وبائعى المأكولات
وغيرهم في تشيد محالهم على أرضهم ، وصادف في ذلك الحين أن جاء من الصعيد أحد كبار
البنائين يدعى حسين عفاشة، فأمر الوالى بناء قصر لنزوله به ومسجد الصلاة . وبعد
مدة أصدر الوالى قرارا بتجديد مسجد الصلاة، وأخذ الناس يفدون إلى المدينة زرافات
ووحدانا .
عمرت المدينة واشتملت على منازل لا بأس بها، و میدان فسيح ( مكان سراى
المديرية ) لإقامة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وجدد فيها الأمير يوسف بك مسجدا بالشاطىء الغربي البحر مويس ويعرف
الآن بالمسجد الصغير .
ولما دب فيها العمران جعلت رأس المديرية بعد أن كانت بلبيس المعروفة
قديماً " ببيسه " ، وافتتحت محكمة شرعية كبيرة تنظر في القضايا عامة،
وزرعت فيها مساحة كبيرة من شجر التوت ( مكان المدرسة الثانوية ) لتربية دود القز.
ثم شيد أحد تجارها ويعرف بالعداروس جامعا بناه بالأحجار والآجر وأعمدة الرخام ،
وكذلك شيد الحاج سليمان الشربيني مسجدا بشارع ترعة عبد العزيز ، وشيدت بها ثلاث
كنائس إحداها للأقباط والثانية للشوام والثالثة لليونانيين الذين كان لهم فضل في
تقدم المدينة . وقد قامت بها نهضة صناعية، وأهم المهن التي يمارسها أهل البلدة هو
عصر الزيت وحلج القطن وصناعة الحصر ، وقد كان بها
كثير من المحالج، وهاك جدولا لمصانع المدينة.
|
ثلوج |
قطن |
زيوت |
طحين |
ما يخص الأجانب |
قديما |
2 |
14 |
2 |
9 |
10للقطن 10للثلج 7للطحم |
الآن |
2 |
3 |
2 |
4 |
2 للقطن |
ومن هذا الجدول يتبين أن معظم المصانع فى المدينة كانت فى يد الأجانب
الذين اشتركوا في تحسين المدينة
وإحياء الصناعة والتجارة بها فقد شيدوا القصور الكبيرة، تحيط بها الحدائق الغناء،
وأنشئوا المصانع ، وتولوا تدريب السكان على الصناعة وإرشادهم إلى طرق التحسين في
الزراعة .
وفى الجنوب الشرقي المدينة تل قديم
يقال له تل بسطة - يبلغ متوسط ارتفاعه نحو ٢٥ مترا ومساحته نحو ستمائة فدان، ويأخذ
الفلاحون منه السماد الآن ، وهو غنى بما به من آثار ، واسمه بالمصرية القديمة "
بیر باست " و يطلق عليه اليونان" وبوباسطس " وعلى ذلك التل قامت
مدينة من أكبر مدن مصر قد اتخذها بعض الولاة قاعدة لهم ومقرا لحكمهم فى حين أنهم
جعلوا صان الحجر مدينة الموتى ، وبها دفنوا – وقد اختار هذه المدينة ، بوبسطة الملك شوشنق سنة ٥٩٠ ق . م عاصمة لمصر وبذلك عرفت بوبسطة في التاريخ
عاصمة للأسرة الثانية والعشرين.
وقد كان بوسط المدينة حلقة لبيع
القطن يجتمع فيها التجار ، وبجوارها مخازن لحزنه ، وشمالي المدينة مكان لبيع الغلال
والبذور .
وهي أهم مركز المواصلات في شرق الدلتا فيها يمر الخط الذى يصل القاهرة
ببور سعيد ، وكذلك خط المنصورة، ودمياط، ويخرج منها خط عن طريق ميت غمر وزفتى إلى
طنطا ، وهى تتصل اتصالا وثيقا بوادي طميلات المعبر التاريخي الهام الذي مر به
الفرس والعرب كما مرت به جيوش المصريين فى جميع عند فتحهم سوريا وفلسطين وغيرها من
دول الشرق
العصور
أهميتها الحربية :
والزقازيق من أهم المواقع الحربية فهي تتصل اتصالا تاما بقناة السويس
، وبها يمر أهم الطرق الحربية من جوية وحديدية وبرية، فيمر بها الطريق الحربي من
الاسكندرية إلى الإسماعيلية ، والطريق الحربي الذي أنشئ أخيرا ، ويصل مصر بفلسطين
وسوريا مخترقا الصحراء الشرقية ، وبذلك يمكن أن تتصل جيوش الحلفاء بشبكة من طرق
المواصلات . وتقدم الزقازيق لهذه المدن في وقت السلم والحرب الخضر والطيور والبيض.
فعلى مدينتنا يعتمد المدنيون والحربيون فى الحصول على ما يلزمهم من
منتجاتها الزراعية والصناعية
.
) ولا يقتصر الإمداد على هذا فإن الجيوش فى حاجة إلى الدواب من خيل
وبغال وحمير وغيرها ، لنقل المأكولات والرجال واستعمالها في الأغراض الحربية
الأخرى ) وقد كانت المركز الرئيسي في الحرب الماضية لإدارة الإمداد، كما كانت
مخزنا للذخائر ولذلك فإنه كان يتفرع خط حديدى إضافى من الخط العام إلى مدرستنا
الحالية التي كانت ثكنات للجيش ومقرا للسلطة.
وقد أخذت المدينة في
الاتساع، وتزايد عدد سكانها الذى بلغ
٣٩,٠٠٠ : سنة ١٩٠٧م ويبلغ عدد سكان المدينة الآن ما يقرب من ثمانية وخمسين ألف
نسمة. وأخذت مبانيها في الترقى ، فأنت ترى المنازل الريفية البحتة على حين تجد بها
أرقى العمارات وأجملها ، واتسعت المدينة من جهاتها الأربع حتى على جانبي بحر مويس
بالقرب من المدرسة الابتدائية والثانوية.
وقد شيد بها أخيراً تفتيش للمشروعات، وهو من أروع الأبنية ، وتتجلى
فيه الفخامة مع
سلامة الذوق وبالقرب منه شيدت منازل لكبار الموظفين وسيشرع في تشييد ملاعب للتنس
وغيرها من مختلف الألعاب الرياضية في تلك الجهة - والحكومة تشرع الآن فى تشييد جسر
بالقرب من معهدنا الجليل يصل الشاطئ الشرق بالغربي البحر مويس، وبذلك ترتبط
الزقازيق الجديدة بمدينتنا القديمة .
كما أنه أنشى بها أخيرا بعض المعاهد العلمية والمنشآت الصحية ، وهكذا
المدينة آخذة في التدرج والارتقاء تحت ظل المليك المحبوب حرسه الله وأيده بنصره .
.
يوسف عزب
1948م
المصدر
من كتاب الشرقية وسيناء بحث تنشره منطقة
الزقازيق التعيمية (1368 هجرية -1949م) من صفحة 86 الى صفحة 88
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق