الأربعاء، 30 أبريل 2025

فروع النيل فى الشرقية بين الماضي والحاضر

 

فروع النيل فى الشرقية بين الماضي والحاضر

بعد أن تعرضنا للرى في مديرية الشرقية وترعها ومشروعات الرى بها يحسن بنا أن نقف على التدرج الذي ألم بفروع النيل مكتفين في معرفة ذلك بتتبع ما حدث لها في العصور التاريخية وكيف ذبلت هذه الفروع وتحولت إلى قنوات صغيرة كادت يد الزمن تعفو آثارها إلى أن تناولها يد الإصلاح في العصر الحديث ومازال تبنى عليها المشروعات الجديدة  التى تنشأ لإصلاح مابقى من الأراضي .



 

فحولتها إلى قنوات هامة بأن جعلتها أساسا لنظام الرى الحديث ، ولاتزال تبنى عليها المشروعات الجديدة التي تنشأ لما بقى من إصلاح الأراضى.

يحدثنا المؤرخون القدماء عن وجود فروع للنيل كانت تصب فى البحر المتوسط، وأقدم ما لدينا من المستندات هو ما كتبه هيرودوت حوالي عام ٤٥٠ ق م فذكر أن للنيل خمسة فروع هي :

( انظر الخريطة شكل ٣ ) :

 

 

 

(1) الفرع البليورى ) أو البوباستى ) .

(۲) الفرع السباتيكي ( أو التانيسي ) .

(۳) الفرع المنديسي ( البحر الصغير ) .

(٤) الفرع السبنيتي (نسبة إلى سمنود) .

(٥) الفرع الكانوبي.

أما الفرعان بوكوليك ( دمياط ) وبولفين ( رشيد ) فيذكر لنا أنهما كانا قنوات صغيرة حفرها ملوك مصر الأقدمون، ولهذا فإن استرابون فى القرن الأول الميلادى أضافهما إلى الفروع الأخرى جاعلا فروع النيل سبعة ، وقد تغلب الفرعان على الفروع الباقية لأنهما كانا أكثر استقامة وأشد انحداراً منها فجذبا إليهما أكثر الماء فازدادا أهمية على حساب الفروع الأخرى مما أدى إلى انقراضها على مر الزمن .

وسنقتصر هنا على دراسة فرعين فقط : البليوزى والتانيسي - اللذين يدخلان في نطاق البحث الرى فى الشرقية ( كما في شكل ٤ ) .

الفرع البليوزى كان هذا الفرع قديما يمد شرقى الدلتا القديمة بالماء كما أنه بمصبه كان مفتاح مصر من الشرق، وبمدينة بليوز - أو الفرما - مرت جميع الغزوات الشرقية . كان هذا الفرع يبدأ من رأس الدلتا القديمة عند رأس جزيرة الوراق . ثم يسير شرقى الجزيرة ويتبع مجرى قناة أبو المنجا إلى مكان اتصالها بقناة الشرقاوية فيتبع مجراها حتى مدينة شبين القناطر ، ومن مدينة شبين القناطر إلى قرية ميت جحيش عند مبدأ بحر فاقوس - فيمكننا أن تجد له أثرين:

(1) فالأثر الأول يتبع بحر الشبينى من شبين القناطر ماراً بمدينة بلبيس إلى بحر فاقوس حتى قرية ميت جحيش ، وهذا الفرع كان يؤدي ما يؤديه الفرع البليوزى تماما من جهة تحديد الدلتا ولكن كان يمر بعيداً عن مدينة بوبسطة بنحو ثمانية كيلومترات من الشرق.

(٢) أما الأثر الآخر فكان يتبع البحر الخليلي بعد شبين القناطر ثم يتصل بمجرى بحر أبى الأخضر حتى قرية ميت جحيش فيتبع بحر فاقوس .

والميزة الرئيسية له هي مروره قريبا من بوبسطة بنحو كيلومترين بل ربما كانت المدينة ممتدة إلى شاطئه ؛وربما كان هذا الفرع المجرى الأساسي للفرع البليوزى .

أما مدينة بوبسطة فمن الراجح أنها كانت تقع غربى هذا الفرع وأنها لم تكن على شاطئه تماما بل كانت تبعد عنه قليلا كما تبعد الخرائب التي نراها الآن فى تل بسطة عن بحر أبى الأخضر.

 



 وهيرودت في حديثه عن رحلته إلى مدينة بوبسطة لمشاهدة حفلاتها لم يعين أي فرع من فروع النيل سار فيه ، ولكنه ذكر أن مدينة بوبسطة كانت مبدأ للقناة التي كانت متصلة بالبحر الأحمر ، ولم يعين لنا على التحديد موقع المدينة على هذا الفرع . 

أما ديودور الصقلي فقد وصف لنا المدينة وصفاً خلواً من تعيين موقعها ، وذكر استرابون بعدها عن رأس الدلتا ، وذكر بليني أسماء البلاد التي اشتقت منها أسماء فروع النيل ولم يتعرض قط لمدينة بوبسطة ، وهذا يدلنا على قلة أهميتها في أيامه كما يدلنا على أن المدينة نفسها لم تكن على شاطئ الفرع البليوزى .أما بطليموس فذكر أنها كانت شرقى الفرع البليوزى ، ولكن بطليموس ليس من المؤرخين الذين يعتد بكلامهم .

 

أما بعد قرية ميت جحيش إلى مدينة بلوز فإن الفرع الشرقى كان يقع بمجرى بحر فاقوس إلى مدينة فاقوسا القديمة فيمر عن يسارها ، ومن ثم يتبع فى انحداره إلى البحر ترعة السماعنة التي تستمد ماءها من بحر فاقوس ثم ترعة الجندل - وهى الآن أحد فروع الترعة الأولى - حتى يفقد آثاره في أعماق بحيرة المنزلة :وتظهر هذه الآثار مرة أخرى عند بقايا مدينة هيركليوبوليس ( تل تليم ) الى يصفها بطليموس في جغرافيته فإنها كانت تقع إلى الشرق من الفرع البليوزى حتى يصل أخيراً إلى خرائب مدينة بيلوز على البحر . 

 

الفرع التانيسي : لهذا الفرع أسماء منها التانيسي والسياتيكي، وهو يبدأ من مدينة أتربيدس ( تل أتريب ) في شمال بنها ، وما هو إلا بحر مويس الحالى ماراً بمدينة منيا القمح والزقازيق وقرية هربيط ( قديما Pharbaetos ) حتى نهايته عند مدينة كفر صقر ثم يتبع مجرى مصرف بحر المشرى ماراً أمام صان الحجر حتى يعبر بحيرة المنزلة حيث كان يصب في البحر عند أم فرج على بعد ۲۰ كيلومتراً شرقى موقع بورسعيد . 

 

ويعلل هذا التطور ، الذي أودى بمعظم الفروع فى شرق الدلتا إلى حركات ارتفاع في القشرة الأرضية في شرق القطر المصرى ، وهذا يعلل أيضا ظاهرة صغر فرع دمياط بالنسبة لفرع رشيد ، ولا بد أن يكون، هذا الارتفاع رد فعل فانخفض الجزء الشمالى الشرقى من الداتا فأحدث بحيرة المنزلة ، وأدى إلى زوال مدينة تانيس التي استمرت عامرة حتى أيام الفاطميين تتج أحسن أنواع المنسوجات .     

 

 

 

مراجع تطور فروع نهر النيل في الدلتا :

 

1.      Desciption d'Egypte : Bois Aimé

2.      Egypt Exploration Fund

3.   Memoires sur les Anciennes Branches du Nil, Tome

 

تأليف سمو الأمير عمر طوسون

 

بقلم على رفاعة الأنصاري

المدرس بالزقازيق الثانوية سابقا

وبالإدارة العامة للثقافة

----------------------------------------------------------------------

المصدر

من كتاب الشرقية وسيناء بحث تنشره منطقة الزقازيق التعيمية (1368 هجرية -1949م) ص من 32 الى 35

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق