‏إظهار الرسائل ذات التسميات جمال والى. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات جمال والى. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 11 يونيو 2025

مكوجية ههيا بلدنا

 مكوجية ههيا بلدنا  

ههيا ..جميلة الجميلات ...!!!

  - ( مكوجية بلدنا ) -



شوف ياكاريزما ..بلدنا دي كان فيها حاجات جميلة ودلوقت إختفت ..زي إيه ؟ زي صناعة القبقاب ..حصيرة الجبنة .. وسمكري وابور الجاز ..نجار سواقي ( طنابيش ) - مصبغة ملابس - هدوم - ومكوجي الرجل وحاجات كثيرة ياما

هبقي أحكيلك عليها في  وقت تاني ، ولكن النهاردة حكايتنا عن مكوي الرجل في بلدنا .

زمان كان عند الجامع الكبير فيه مكوجي اسمه

( السيد ) وأخوه ( ناصر ) إللي أخوهم المعلم ( عبدالعزيز )

السماك وده كان عامل المحل بتاعه في السبعينات في

بيت عمي الحاج ( عبدالمطلب أبوسرحان ) وكان بيكوي

رجل و إيد  ، تمشي قدام عند قهوة ( الظيظي ) تلاقي محل

عمك ( أمين ) أبو محمد ومصطفي وده كنت أحب أروح له

علشان كان بيحاسبني غير الحاج ( السيد ) كان مش بيفاصل

في الأجرة . .إنما عمي ( أمين ) - رحمه الله - كان طيب بجد وكان بيأخذ مني أجرة كوي القميص ( قرش صاغ )    كان دكان عمي أمين في بيت ( القشيشي ) وإللي إتعمل بعد كدة محل ( أدوات صحية ) .

في مرة كنت قاعد عنده ومعايا بنت جارتنا أبوها كان

شغال ( محضر ) في محكمة ههيا ، و رحت قايل لها : إنتي

بتدفعي أجرة كام ؟ ردت وقالت : ثلاثة تعريفة يعني قرش و

نص ..مش أسكت لأ ..ماهو أصل إللي سحبتني ..سحبتني من لساني وقلت لها : أنا بأدفع قرش صاغ بس ورحت مطلع

ليها لساني ( حنس ) .راحت سألت عمي أمين  ..أنت بتحاسبني علي قرش ونص ليه ؟ وجمال قرش ؟ رد عليها

وقال : أصل القميص بتاع أبوكي كبير دا يعمل قميصين من

قميص جمال ..وبعد لما مشيت نزل في تقطيم ..أنت إيه

إللي خلاك تتكلم معاها وتقول أنني بأحاسبك أقل منها ؟

أنت مش تقعد ساكت ..أنت مش شايف أن قميص أبوها قد

قميص أخوك مرتين ..ثانيا  أبوها موظف وأنت أخوك لسة

في العلام وكمان أمك قريبتي ..مش تبي تتلامض مع الزباين

..تيجي تجيب الحاجة ..أكويها ..تحاسبني ..ومش تتكلم مع

حد خالص ..ومن بعدها آخد له بنطلون أو قميص يكوي ..

أدفع وآخد حاجتي وأجري ومن سكات .

كان زمان قليل إللي عنده  ( مكواة  إيد ) ..كان الأستاذ كامل

وفادي ومراد أبوداؤد جيراننا هم الوحيدون في الحتة إللي

عندهم مكواة يد ..يمكن ناس تزعل وتقول يد أحسن من إيد

حاكم فيه ناس علي الفيس بتطلع فيك القطط الفطسانة ولما

مش بيلاقوا في الورد عيب بيقولوا : يا أحمر الخدين ..

المهم كنت أروح أنده علي ( مراد ) وتطلع لي خالتي أم عوض أو أخته وأطلب منها ( المكواة الحديد ) ودي كان

أخويا يولع الوابور الجاز ويحطها تسخن وبعد شوية يمسكها

بحتة قماش ويمسح المكواة في حتة قماش علشان سواد

النار والدخان وبعد كدة يمشيها علي القميص إللي مفرود علي الترابيزة بعد لما يكون هرا أمه بخاخة ماء من بقه ..

علشان يفرد في المكوي ..وساعات بقي يتلسع منه القميص

وياسلام بقي لو كانت في حتة جنب ( الياقة ) أو علي

( الصدر ) مينفعش تتداري زي لو كانت في ذيل القميص ..

هتتحط جوا البنطلون ...ولما تتكرر الحركات دي تلاقي إللي

يقول لك : يا عم إدي العيش لخبازينه ولو أكلوا نصه ..

شراية العبد ولا تربيته ..توجع دماغك ليه ..؟ دا قرش صاغ

والمكوجية فاتحين  ..هتسألني وهم كانوا بيقفلوا ؟ أقول لك

: كان لهم أجازة زمان والكل بيلتزم بيها ..دلوقت ..لبن سمك

تمر هندي ..ياااااه  علي زمان وحلاوة وطعامة أيام زمان ..

كنت تلاقي في كل حتة مكوجي خاص بها ..في شارع المأمون إللي بيودي علي العلاقمة وحوض نجيح والسلامون

كان فيه مكوجي رجل اسمه ( السيد غريب ) تقريبا وكان ساكن في المساكن إللي عند بنزينة الحاج ( فتحي أبو محرم ) -رحمه الله - وكان فيه الحاج زكريا أبوغنيم والحاج السيد الصعيدي وأخوه عادل وكمان عمي الحاج ( عبدالرحيم ) ، وأيضا الحاج ( كمال ) وده إللي له بيت عند

الموقف بتاع ههيا وإللي فيه عيادة الدكتور ( عزت مرواد ).. وكان  في شارع سعد زغلول وتحديدا أمام دكان والد

الكابتن ( حمادة أبومنصور ) دكان عمي ( عبدالعال ) - رحمه

الله - وده كان زي عمي أمين بالضبط ..راجل طيب وفي حاله ..هما مكوجية بلدنا الصراحة كان كلهم طيبين ..وعمي

( عبدالعال ) كان جارنا وكان ابنه ( محمد ) بيلعب معانا

كورة وحكي مرة أنه فيه واحد من أغنياء ههيا أرسل له بدلة ليكويها له ولما جاء يستلم حاجته سلم عليه وأعطاه عمي

( عبدالعال ) فلوسه التي نسيها بالبدلة وكانوا حوالي ثلاثمائة جنيه ..وكان الراجل مش مصدق أمانة عمي عبدالعال ..ودي حكاية حكاها لنا ابنه عن والده علي سور

البحر عندما إنتهينا  من اللعب بالكرة ...وتمشي شوية في

شارع سعد زغلول برضه ..هتلاقي بعد عيادة الدكتور( صبري الصيفي ) - رحمه الله - جنب وكالة ( أولاد الزهيري ) دكان

عمي ( السيد ) وبعده بشوية بعد دكان عمي ( محمد أبوشنب

الشهير بالعضل ) دكان عمي ( صبري ) شقيق عمي السيد

أبو يوسف فضة ..وكان سواء عمي السيد أو عمي صبري

كانوا ناس بتوع كوميديا ..ضحك ومحترمين وطيبين بجد

..تخش عند دكان بقالة المرحوم الحاج( مصطفي عسكورة )

وأمامه بالضبط دكان عمي ( محب ) رحمة الله عليه ..وده

كانت علاقتي به السلام وفقط وكان راجل طيب ومحترم

وكان زي لما يكون قلبي حاسس أنني سأحتاج هذه الصورة

طلبت من أصدقاء الفيس أي أحد يروح يلتقط له صورة وفعلا إستجاب لي المهندس ( هاني والي ) وأرسل لي صورة

عمي محب أخر مكوجي رجل في ههيا وكانوا عظماء بجد

دلوقت تعدي علي محلات المكوي تلاقي ترابيزة كبيرة

وشوية خراطيم متدلية علي سلوك وقال إيه ..مكوي بخار..

الصراحة وأنا معدي ..بأحس أنه مش محل مكوجي ..دا

محل شيبسي ونايتي ..حاجة طرية وفرافيرو ..

لأ وبقي في كل بيت مكوي واثنين وثلاثة ..دا بقت من ضمن

جهاز العروسة ...الله يرحمك يا أماي

من الإسماعيلية    ..    جدو جمال محمود والي

                 كبير أمناء مكتبات بالمعاش

الاثنين، 9 يونيو 2025

يوم الخبيز ...!!! أوقات فى أحضان جميلة الجميلات ههيا


 يوم الخبيز ...!!!  أوقات فى أحضان جميلة الجميلات ههيا

بقلم المبدع  الأستاذ جمال والى

11مارس 2022م

زمان كنا نحصد القمح ( الغلة ) ونخزنها في صندوق من الطين ( صومعة ) فوق سطح الدار ، وبرضه الذرة ..وإللي معندوش أرض ..كان بيشتري من أي فلاح ..علشان كان عيب أنك تشتري عيش الطابونة ، وكنا نحط عليها بودرة علشان مش تسوس ..وعند النية للخبيز ..نشيل الطين إللي

علي الفتحة السفلية للصندوق ونأخذ الغلة ونغربلها في الغربال وكان فيه ناس تغسلها .. تطلع البودرة وتطلع الطينة..

كسل ..ماهو علي رأي المثل ( كل دار وليها مدار ، وكل طاحونة وليها عيار ) ونأخذها مع شوية ذرة تم تحميصهم في الفرن ، وعلي عربة ( كارو ) نذهب إلي أقرب ماكينة طحين ..فكل حي به ماكينة ..كفر أبو راشد فيه ماكينة ( أبو

راشد ) وحي السوق القديم توجد به ماكينة طحين ( أبو

حمادة ) بعد أن توقفت ماكينة والد الدكتور عادل والتي كانت في وش مزلقان السكة الحديد .. وأما نحن كنا نطحن بماكينة ( أبو رية )  فهي الأقرب لنا وكذلك توجد في وسط

البلد وبرضه علشان معاملة عمي الحاج كان بيهاود في الوزن

والأجرة وأيضا معاملة خالي ( علي أبو عليوة ) - رحمه الله-

مع الزبائن وكانت الستات توصيه يقرص علي الحجر علشان

الدقيق يبقي ناعم مش خشن ومعه نطحن قليلا من ( الحلبة) يتم خلطهم مع العجين بيدي طعم للعيش وبيخلي

لون الرغيف مصفر ..نلقف الطحين في أجولة وشكاير وقفف

وأما نحن الصغار نلعب عند ماكينة تقشير الأرز أو في الحوش الخلفي عند الماكينة ذات السيور العريضة والتي

أكلت أذرع كثير من الصغار عندما إقتربوا منها محاولون

لمسها ..أو نتعلق بالحديد المتدلي فوق قادوس الطحين ..

نعود للبيت فوق عربة الكارو مع الطحين وربما نحوله علي

فترات علي حمارنا أو حمار إستلفناه من الجيران ..وفي

اليوم التالي تبدأ عملية النخل بالمنخل الناعم لفصل الدقيق

عن الردة ..ثم في يوم الخبيز نضعه في ( اللقان ) أو كما

يطلق عليه البعض ( الماجور ) ونضيف له الخميرة التي

إشتريناها من الفرن أو شحتناها من جارة أو قريبة تخبز في

ذلك اليوم ..وننتظر قدوم ( الخبازة ) ..والتي كانت تشترط

أكلها وشربها ..فقد جوعتها أمي المرة السابقة وأكلتها ( جبنة

قديمة ) ..( حرقت صدرها ) وهذه المرة تريد لحم وعصير

ليمون مثلج وشاي عوضا عن المرة السابقة ..وعدد من الأرغفة معها وهي ماشية بعد لما تخلص ..وترضخ أمي لها

خوفا من تبويظ العيش وإخراجه سميك لا تقو الأسنان علي

كسره ..فمعروف أنه كلما كان الرغيف رقيقا مثل ورق البفرة

الذي يضعه الجد أو الوالد في علبة من الصفيح ومعه الدخان

القص ولفه سيجارة ..ثم يدسها في جيب الصديري الذي

يرتديه تحت الجلباب وفوق القميص الأبيض الطويل ..كانت الخبازة شاطرة وأهل البيت قد أكرموها أحسن كرم فصنعت لهم عيش ممتاز ..وربما عملت لها زبائن جديدة في الحتة...

تحضر( الخبازة ) وتدخل الأوضة وتخلع جلبابها وترتدي

جلباب قديم لديها لزوم الشغل ..وتمسك ( المطرحة ) وتضع

عليها قليلا من ( النخالة ) - الردة - وتنبه علي الست إللي

بتقرص كيفية تنظيم العمل ..بينما جلست إحدي الجارات

أمام مؤخرة الفرن تزوده بالحطب كلما لزم الأمر وبين آونة

وأخري ترش عليه قليلا من الماء ليصبر حتي لا تأكله النار

بسرعة ...كنت أسمع أن ( الخبازة ) تكسب كثيرا من المال

كما أنهن يأكلن أطايب الطعام وأحسنه والبعض منهن تشتري

لزوجها ( موتوسيكل) ليسهل لها التنقل بين بيوت الزبائن ..

كنت أمازحها بأنني عندما أكبر سأتزوج ( خبازة ) وأكتب لها

المواعيد في ( نوتة ) وأحصل لها الأجرة ..فتضحك ..وتقول

: ( ربنا يحرسك ..ياريتك كنت كبير ..كنت إتجوزتك ..علي

العموم ..عروستك عندي ..وخبازة ..بس لما تكبر شوية ..)

كنت أصدقها وأفرح بذلك ..وبينما هي تخبز ..نطلب منها

عمل ( حنونة ) حيث نضع عليها السمن البلدي مخلوطا بالسكر أو الجبن والقشدة ..ونخرج للشارع لنلعب مع الأصدقاء ..الذين يمدون أيديهم بعد ضرب صدورهم طلبا

لقمة أو حتة ..كما كنا نفعل معهم عندما كانوا يخبزون ..ماهو

كله سلف ودين ..وبعد رحيل الخبازة ..تقوم ( أمي ) بوضع

محلبة الفول المدمس  والبطاطا والبصل الناشف والبيض في مؤخرة الفرن بين الحطب المشتعل وأما بداخله فوق العرصة

وضعت صينية البطاطس المتقطعة هي والبصل طرنشات ..

دوائر ومعها الطماطم ..أو صينية أرز ( معمر ) كنا نطلق عليه

( أرز ببرغوتة ) ..ساعات بسكر ومرات بدونه ( سادة ) والذي

كنا نجلس ونضع عليه العسل الأسود ونهفه بالملعقة ...ثم

نفرش الحصير ونضع عليه العيش ليجف بعد تلدينه ..كما

يوجد قرص عيش طري نسخنه علي الوابور أو الشالية عند

حاجتنا له ..كنا نأكل العيش الطري الأول حتي لايصيبه العفن

بسرعة ..ونترك العيش الملدن فيما بعد ..وإذا إحتجناه طريا

..كنا نبله بالماء ونضعه في قماشة ..جلابية أو قميص قديم

ثم بعد ذلك نأكله أو نسخنه علي النار ..ونضع عليه السمن

والسكر ..أو الفلفل الأحمر المطبوخ ..أو ندهكهه بالجبنة الحادقة ..وياسلام مع السمك المشوي أوالمقلي ..أو بطاطس

مسلوقة علي شوية كمون علي حتتين بدنجان مخلل وليمون

مخلل ..لقمة زي العسل ...مع تغير الحال وإرتفاع الأسعار..

حسبناها نحن أبناء الجيل الحالي وبدأنا نذهب إلي الطابونة

لإرتفاع تكلفة الرغيف البلدي مقارنة بمثيله عيش الطابونة

الذي كنا ننكسف ونحن نشتريه ونخبأه ..حيث كان عيبا أن

تشتريه ..لو واحد راح يتجوز واحدة ..الجيران يقولوا له

..دا بياكلوا من الطابونة ..فيخلع ..الآن أصبحنا جميعا زبائن

الطابونة ، وأصبح الفرن والعيش الفلاحي نراه في الكتب

المصورة وفي الأفلام القديمة ..وصرنا نقف في الطوابير

بحثا عن الرغيف ..بل صنعنا له بطاقات مميكنة للحصول

عليه ..وإستبدلنا أدخنة الكانون والفرن ..بالبوتاجاز وعرفنا

الكيك و الكرواسون و الباتيه ..وبقت العيشة ..إخيه  ..مالها

الحنونة ؟ ..وماله الفرن أبو حطب ؟هتلفوا ..هتلفوا ..والغلا

هيقرصكوا.... وترجعوا تاني ..ليوم الخبيز ..........

الصناعات والحرف الشعبية بههيا ..جميلة الجميلات ...!!!

   الصناعات والحرف الشعبية بههيا ..جميلة الجميلات ...!!!

رغم قسوة الحياة وشظف العيش إلا أنها كانت أيام جميلة ..لسة فاكر لما كنا نقعد علي سور البحر نرتدي

البيجامات النهضة والكستور المقلمة و ممكن تلاقي واحد لابس بنطلون لون والجاكتة لون تاني وأكثرنا كان يمشي

ويلعب حافي القدمين وياما إتعورنا من قطع الزجاج المكسور الذي ينتشر علي الأرض وكنت تروح قاعد ومعيط

وتنده صحابك ..( دم ) فتلاقي واحد بيقول : إكتم التعويرة

بإيدك علشان الدم يقف ، وإللي يقول لك : شخ عليها ..وإللي تلاقيه جاب لك حتة قماش قديمة كنا نسميها ( خرقة ) وإللي يسميها ( شرموطة ) وتقطع منها حتة وتربط التعويرة

وتكمل لعب ، وعند الغروب نلتم علي سور البحر نحكي وكل

منا يدلو بدلوه فيما يعرفه أو سمعه .

كانت الحياة بسيطة وأدواتها أيضا ولكنها كانت أجمل إذا ما قورنت بما نعيشه الآن من تكنولوجيا .

في بيتنا كان يستأجر عمي ( محمود أبو خليفة ) دكانا يصنع

فيه ( الحصير ) من البوص والذي كان يطلق عليه البعض (

السمار ) ..كان يزرعه الفلاحون في موسم زراعة الأرز ثم

يقطعونه ويقومون ببيعه إلي صناع الحصير ..علي النول الأرضي الخاص بذلك والتي يطلقون عليه اسم ( العدة )

حيث يضع أعواد ( السمار ) بين خيوط الدوبارة ويضرب

عليها بخشبة بحيث كل عود يلتصق بما قبله ، وبعد ذلك

يقطع الشغل ويضعه علي حائط بيت عمي ( داؤود ) أبو

( نصر وكامل وفادي ومراد ) وكذلك علي حائط بيت شقيقته

خالتي ( إسكندرا ) أم ( رأفت ) وعندما يأخذ حظه من الشمس يبدأ في ربط أطراف الدوبارة بقوة ويحرك الأعواد

بيديه وتسمي هذه العملية ( التلذيذ ) ثم يحكم الرباط في

نهاية الحصيرة ..كانت الناس تأتي له من القري والأرياف

حتي من ( الصعيد ) ويتم الشحن في مركب عائدة بعد

أن جائت محملة إلي بلادنا بالجرار والعدس والبلح الناشف

والعسل الأسود ..كانت هذه المراكب ترسو علي شاطئ البحر في ظل أشجار الكافور العتيقة التي كانت تمتد علي الجسر

من بلدنا وحتي مدينة ( الزقازيق ) والتي قاموا بقطعها

وزرعوا مكانها أشجار ( الفيكص ) ومهما تفننوا في قصها

وعمل أشكال من أغصانها إلا أنها لا تشبه المنظر القديم .

ظهرت بعد ذلك صناعة ( الحصير ) من البلاستيك عن

طريق ( مصانع الشريف ) ورغم أشكالها وألوانها الزاهية

إلا أنها لم تكن في جمال ومتانة الحصير من البوص ..

وبعد ذلك في الثمانينات وأوائل التسعينات عرف الناس

السفر إلي السعودية ودول الخليج وعادوا وهم محملون

بقطع من ( الموكيت ) و ( السجاد ) ثم بدأت تغزو كل بيت

وكل مسجد وتوقفت صناعة الحصير ، وإضطر العاملون بها

إلي مزاولة أعمال أخري ..كان فيه ورشة ( أبو شناوي ) عند

الجامع الكبير وكذلك ورشة ( أبو مهدي ) في بيت قديم

عند ( أبو منسي ) - بتاع الجرائد - وهذا البيت إشتراه الأستاذ ( السيد حفني ) من ( مهدية ) وبني مكانه عمارة

كبيرة بها محل عصير قصب ( أولاد أبو سمكة ) وكان عند

مدرسة مصطفي كامل ورشة ( أولاد  بكر ) وكل ده إختفي .

زمان كانت فيه وظيفة ( السقا ) ولسة فاكر عمي ( عبودة )-

رحمه الله - وهو شايل خشبة علي كتفه ومتعلق فيها

صفيحتين من بتوع السمن النباتين وماليهم ( ماء ) ويذهب

إلي زبائنه والذين يخزنون الماء في زير أو جرة ..

كانت الجرار تأتي من الصعيد في مراكب وأما الزير والقلة

فكان يتم صناعتها في بلدنا أو تأتي من الصعيد أيضا ..

كان جارنا عمي ( السيد أبوعامر ) - رحمه الله - يعمل بهذه

الصناعة ويلف الأسواق ومازلت أتذكره بجلبابه البني

وعمامته البيضاء ومعه والدته خالتي ( أم السيد ) وزوجته

خالتي ( أم العربي ) - الله يرحمهم - وهم ينفخون في كل

( قلة  ) للتأكد من سلامتها وإذا كان بها عيب ..مخرومة مثلا

يضع علي الخرم قليل من الرماد المخلوط بالبيض وإذا كان

بها شطف من الحلق أو المؤخرة أصلحوه أيضا بهذا المخلوط

وكان لهم قريب عند جميزة ( الزوايدة ) يعمل بهذه المهنة

أيضا وكان له مكان في سوق(  السبت )  عند مزلقان المحطة وكان اسمه عمي ( محمد أبوعامر) وهو بالمناسبة

كان خال أولاد عمي  ..كما كانت هناك فاخورة يمتلكها عائلة

( أبو نافع ) وكانوا يعملون بهذه المهنة ثم توقفوا أيضا وقاموا ببناء عمارات شاهقة وقاموا بتأجيرها وباقي المساحة

باعوها لأناس بنوا هم بيوتا عليها وذلك في أول الطريق

المؤدي لقرية ( العلاقمة ) وحتي وقت قريب كانت هناك

سيدة كبيرة تستأجر محلا في بيت قديم متهدم بعد محل

جزارة ( أولاد أبو العينين ) إللي جنب مكتبة الحاج ( السيد أبو حمادة ) ..كنا نقعد بقي نحكي بأن ماء القلة أفضل

وياسلام لما تشرب الماء إللي موجود في الكوز إللي تحت

الزير ..وياسلام بقي لما تسيب القلة متعلقة في غصن - عرف

شجرة - في الغيط وتروح تشرب منها تاني يوم الصبح ..

وتتكرع ..صحة ..ولا ..تلاقي واحد بيقول لك ..عارف عمك

فلان ده ..كان جامد وحديد ..تصدق مرة شال حمار وعليه

نقلة رماد وعدي به القيد - القناية - عارفين جاب القوة دي

من فين ؟ نسأله : من فين  ؟ ..يقول لك : أصله شرب من

مية البحر وهي واقفة ..أصل البحر بتجيله ساعة وتلاقي

المية بتاعته وقفت ..ويا بخت إللي يشرب منها ساعتها ..

هتجيله قوة من حديد ..إللي بنقول عليها دلوقت ( قوة خارقة ) ..وظللت لسنوات أذهب إلي البحر لعلني أجد مائه

واقفة  ، وكلما ذهبت وجدتها تجري .

كنا نشرب من البحر ..يعني لما حد يقولك : زعلان اشرب من البحر ..متزعلش ..كلنا شربنا من البحر ..ولما جاء ( عبد الناصر ) بثورته عمل لنا في كل حي حنفية نملأ منها جرارنا

ماء نظيفة غير ملوثة عليها ( شبة وكلور ) ثم بعد ذلك بدأ

الجميع يدخل صنابير الماء إللي بيته وتم إلغاء هذه الحنفيات ..كانت هناك حنفية أمام بيت عمي السيد أبوعامر

وأخري أمام مركز شرطة ههيا وواحدة أمام مسجد السراحنة

إللي بقي مسجد ( وسيلة الأشقر ) وبجواره حوض أسمنت

كبير لكي يتم سقي الجاموس والجمال والحمير منه ..وكانت

فيه حنفية في حي ( أبو حليمة ) وواحدة مكان السنترال

الجديد وواحدة عند ( الكوبانية ) بتاعة شركة مصر ..

وياسلام بقي علي الفرن إللي مبني من تراب الطوب الأحمر

( الحمرة ) تعمل منه عرصة تأكل أحلي رغيف عيش بلدي

أو فطير ( مطبق ) بالسمن البلدي بتنز منه ولا صينية الأرز

المعمر بالسكر أو السادة وكان فيه ناس تحب تحط علي

الأرز المعمر السادة عسل أسود ..أيوووووه ياجدعان

ولا في ليالي الشتاء وال ( مفروكة ) وتحطها في الصينية

وعليها اللبن وحتة قشدة أو ملعقتين سمن بلدي ..حاجة

متقولش لعدوك عليها ..دي الأكلات إللي وصي عليها ( حسان

اليماني ) ولا أتخن شيف يعرف يعمل زيها دلوقت ..ولا تقوللي فلان الفطاطري ولا قرية الأسد ولا يحزنون ..

يا أخي دا كفاية تمسك المترد وتشد شفطة لبن بتبقي من

حلاوته عاوز تشرب المترد كله ..دلوقت ..كل شيء الآن

لا طعم ..لا  لون ..لا  رائحة ....دا كله كوم والناس الطيبين

إللي عشنا وسطهم  زمان ( الله يرحمهم ويرحم أيامهم )

 كوم تاني ......

من الإسماعيلية  جدو /   جمال محمود والي

               كبير أمناء مكتبات بالمعاش