يوم الخبيز ...!!! أوقات فى أحضان جميلة الجميلات ههيا
بقلم المبدع الأستاذ جمال والى
11مارس 2022م
زمان كنا نحصد القمح
( الغلة ) ونخزنها في صندوق من الطين ( صومعة ) فوق سطح الدار ، وبرضه الذرة ..وإللي
معندوش أرض ..كان بيشتري من أي فلاح ..علشان كان عيب أنك تشتري عيش الطابونة ، وكنا
نحط عليها بودرة علشان مش تسوس ..وعند النية للخبيز ..نشيل الطين إللي
علي الفتحة السفلية للصندوق
ونأخذ الغلة ونغربلها في الغربال وكان فيه ناس تغسلها .. تطلع البودرة وتطلع الطينة..
كسل ..ماهو علي رأي المثل
( كل دار وليها مدار ، وكل طاحونة وليها عيار ) ونأخذها مع شوية ذرة تم تحميصهم في
الفرن ، وعلي عربة ( كارو ) نذهب إلي أقرب ماكينة طحين ..فكل حي به ماكينة ..كفر أبو
راشد فيه ماكينة ( أبو
راشد ) وحي السوق القديم
توجد به ماكينة طحين ( أبو
حمادة ) بعد أن توقفت
ماكينة والد الدكتور عادل والتي كانت في وش مزلقان السكة الحديد .. وأما نحن كنا نطحن
بماكينة ( أبو رية ) فهي الأقرب لنا وكذلك
توجد في وسط
البلد وبرضه علشان معاملة
عمي الحاج كان بيهاود في الوزن
والأجرة وأيضا معاملة
خالي ( علي أبو عليوة ) - رحمه الله-
مع الزبائن وكانت الستات
توصيه يقرص علي الحجر علشان
الدقيق يبقي ناعم مش خشن
ومعه نطحن قليلا من ( الحلبة) يتم خلطهم مع العجين بيدي طعم للعيش وبيخلي
لون الرغيف مصفر ..نلقف
الطحين في أجولة وشكاير وقفف
وأما نحن الصغار نلعب
عند ماكينة تقشير الأرز أو في الحوش الخلفي عند الماكينة ذات السيور العريضة والتي
أكلت أذرع كثير من الصغار
عندما إقتربوا منها محاولون
لمسها ..أو نتعلق بالحديد
المتدلي فوق قادوس الطحين ..
نعود للبيت فوق عربة الكارو
مع الطحين وربما نحوله علي
فترات علي حمارنا أو حمار
إستلفناه من الجيران ..وفي
اليوم التالي تبدأ عملية
النخل بالمنخل الناعم لفصل الدقيق
عن الردة ..ثم في يوم
الخبيز نضعه في ( اللقان ) أو كما
يطلق عليه البعض ( الماجور
) ونضيف له الخميرة التي
إشتريناها من الفرن أو
شحتناها من جارة أو قريبة تخبز في
ذلك اليوم ..وننتظر قدوم
( الخبازة ) ..والتي كانت تشترط
أكلها وشربها ..فقد جوعتها
أمي المرة السابقة وأكلتها ( جبنة
قديمة ) ..( حرقت صدرها
) وهذه المرة تريد لحم وعصير
ليمون مثلج وشاي عوضا
عن المرة السابقة ..وعدد من الأرغفة معها وهي ماشية بعد لما تخلص ..وترضخ أمي لها
خوفا من تبويظ العيش وإخراجه
سميك لا تقو الأسنان علي
كسره ..فمعروف أنه كلما
كان الرغيف رقيقا مثل ورق البفرة
الذي يضعه الجد أو الوالد
في علبة من الصفيح ومعه الدخان
القص ولفه سيجارة ..ثم
يدسها في جيب الصديري الذي
يرتديه تحت الجلباب وفوق
القميص الأبيض الطويل ..كانت الخبازة شاطرة وأهل البيت قد أكرموها أحسن كرم فصنعت لهم
عيش ممتاز ..وربما عملت لها زبائن جديدة في الحتة...
تحضر( الخبازة ) وتدخل
الأوضة وتخلع جلبابها وترتدي
جلباب قديم لديها لزوم
الشغل ..وتمسك ( المطرحة ) وتضع
عليها قليلا من ( النخالة
) - الردة - وتنبه علي الست إللي
بتقرص كيفية تنظيم العمل
..بينما جلست إحدي الجارات
أمام مؤخرة الفرن تزوده
بالحطب كلما لزم الأمر وبين آونة
وأخري ترش عليه قليلا
من الماء ليصبر حتي لا تأكله النار
بسرعة ...كنت أسمع أن
( الخبازة ) تكسب كثيرا من المال
كما أنهن يأكلن أطايب
الطعام وأحسنه والبعض منهن تشتري
لزوجها ( موتوسيكل) ليسهل
لها التنقل بين بيوت الزبائن ..
كنت أمازحها بأنني عندما
أكبر سأتزوج ( خبازة ) وأكتب لها
المواعيد في ( نوتة )
وأحصل لها الأجرة ..فتضحك ..وتقول
: ( ربنا يحرسك ..ياريتك
كنت كبير ..كنت إتجوزتك ..علي
العموم ..عروستك عندي
..وخبازة ..بس لما تكبر شوية ..)
كنت أصدقها وأفرح بذلك
..وبينما هي تخبز ..نطلب منها
عمل ( حنونة ) حيث نضع
عليها السمن البلدي مخلوطا بالسكر أو الجبن والقشدة ..ونخرج للشارع لنلعب مع الأصدقاء
..الذين يمدون أيديهم بعد ضرب صدورهم طلبا
لقمة أو حتة ..كما كنا
نفعل معهم عندما كانوا يخبزون ..ماهو
كله سلف ودين ..وبعد رحيل
الخبازة ..تقوم ( أمي ) بوضع
محلبة الفول المدمس والبطاطا والبصل الناشف والبيض في مؤخرة الفرن بين
الحطب المشتعل وأما بداخله فوق العرصة
وضعت صينية البطاطس المتقطعة
هي والبصل طرنشات ..
دوائر ومعها الطماطم
..أو صينية أرز ( معمر ) كنا نطلق عليه
( أرز ببرغوتة ) ..ساعات
بسكر ومرات بدونه ( سادة ) والذي
كنا نجلس ونضع عليه العسل
الأسود ونهفه بالملعقة ...ثم
نفرش الحصير ونضع عليه
العيش ليجف بعد تلدينه ..كما
يوجد قرص عيش طري نسخنه
علي الوابور أو الشالية عند
حاجتنا له ..كنا نأكل
العيش الطري الأول حتي لايصيبه العفن
بسرعة ..ونترك العيش الملدن
فيما بعد ..وإذا إحتجناه طريا
..كنا نبله بالماء ونضعه
في قماشة ..جلابية أو قميص قديم
ثم بعد ذلك نأكله أو نسخنه
علي النار ..ونضع عليه السمن
والسكر ..أو الفلفل الأحمر
المطبوخ ..أو ندهكهه بالجبنة الحادقة ..وياسلام مع السمك المشوي أوالمقلي ..أو بطاطس
مسلوقة علي شوية كمون
علي حتتين بدنجان مخلل وليمون
مخلل ..لقمة زي العسل
...مع تغير الحال وإرتفاع الأسعار..
حسبناها نحن أبناء الجيل
الحالي وبدأنا نذهب إلي الطابونة
لإرتفاع تكلفة الرغيف
البلدي مقارنة بمثيله عيش الطابونة
الذي كنا ننكسف ونحن نشتريه
ونخبأه ..حيث كان عيبا أن
تشتريه ..لو واحد راح
يتجوز واحدة ..الجيران يقولوا له
..دا بياكلوا من الطابونة
..فيخلع ..الآن أصبحنا جميعا زبائن
الطابونة ، وأصبح الفرن
والعيش الفلاحي نراه في الكتب
المصورة وفي الأفلام القديمة
..وصرنا نقف في الطوابير
بحثا عن الرغيف ..بل صنعنا
له بطاقات مميكنة للحصول
عليه ..وإستبدلنا أدخنة
الكانون والفرن ..بالبوتاجاز وعرفنا
الكيك و الكرواسون و الباتيه
..وبقت العيشة ..إخيه ..مالها
الحنونة ؟ ..وماله الفرن
أبو حطب ؟هتلفوا ..هتلفوا ..والغلا
هيقرصكوا.... وترجعوا
تاني ..ليوم الخبيز ..........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق