الاثنين، 9 يونيو 2025

الصناعات والحرف الشعبية بههيا ..جميلة الجميلات ...!!!

   الصناعات والحرف الشعبية بههيا ..جميلة الجميلات ...!!!

رغم قسوة الحياة وشظف العيش إلا أنها كانت أيام جميلة ..لسة فاكر لما كنا نقعد علي سور البحر نرتدي

البيجامات النهضة والكستور المقلمة و ممكن تلاقي واحد لابس بنطلون لون والجاكتة لون تاني وأكثرنا كان يمشي

ويلعب حافي القدمين وياما إتعورنا من قطع الزجاج المكسور الذي ينتشر علي الأرض وكنت تروح قاعد ومعيط

وتنده صحابك ..( دم ) فتلاقي واحد بيقول : إكتم التعويرة

بإيدك علشان الدم يقف ، وإللي يقول لك : شخ عليها ..وإللي تلاقيه جاب لك حتة قماش قديمة كنا نسميها ( خرقة ) وإللي يسميها ( شرموطة ) وتقطع منها حتة وتربط التعويرة

وتكمل لعب ، وعند الغروب نلتم علي سور البحر نحكي وكل

منا يدلو بدلوه فيما يعرفه أو سمعه .

كانت الحياة بسيطة وأدواتها أيضا ولكنها كانت أجمل إذا ما قورنت بما نعيشه الآن من تكنولوجيا .

في بيتنا كان يستأجر عمي ( محمود أبو خليفة ) دكانا يصنع

فيه ( الحصير ) من البوص والذي كان يطلق عليه البعض (

السمار ) ..كان يزرعه الفلاحون في موسم زراعة الأرز ثم

يقطعونه ويقومون ببيعه إلي صناع الحصير ..علي النول الأرضي الخاص بذلك والتي يطلقون عليه اسم ( العدة )

حيث يضع أعواد ( السمار ) بين خيوط الدوبارة ويضرب

عليها بخشبة بحيث كل عود يلتصق بما قبله ، وبعد ذلك

يقطع الشغل ويضعه علي حائط بيت عمي ( داؤود ) أبو

( نصر وكامل وفادي ومراد ) وكذلك علي حائط بيت شقيقته

خالتي ( إسكندرا ) أم ( رأفت ) وعندما يأخذ حظه من الشمس يبدأ في ربط أطراف الدوبارة بقوة ويحرك الأعواد

بيديه وتسمي هذه العملية ( التلذيذ ) ثم يحكم الرباط في

نهاية الحصيرة ..كانت الناس تأتي له من القري والأرياف

حتي من ( الصعيد ) ويتم الشحن في مركب عائدة بعد

أن جائت محملة إلي بلادنا بالجرار والعدس والبلح الناشف

والعسل الأسود ..كانت هذه المراكب ترسو علي شاطئ البحر في ظل أشجار الكافور العتيقة التي كانت تمتد علي الجسر

من بلدنا وحتي مدينة ( الزقازيق ) والتي قاموا بقطعها

وزرعوا مكانها أشجار ( الفيكص ) ومهما تفننوا في قصها

وعمل أشكال من أغصانها إلا أنها لا تشبه المنظر القديم .

ظهرت بعد ذلك صناعة ( الحصير ) من البلاستيك عن

طريق ( مصانع الشريف ) ورغم أشكالها وألوانها الزاهية

إلا أنها لم تكن في جمال ومتانة الحصير من البوص ..

وبعد ذلك في الثمانينات وأوائل التسعينات عرف الناس

السفر إلي السعودية ودول الخليج وعادوا وهم محملون

بقطع من ( الموكيت ) و ( السجاد ) ثم بدأت تغزو كل بيت

وكل مسجد وتوقفت صناعة الحصير ، وإضطر العاملون بها

إلي مزاولة أعمال أخري ..كان فيه ورشة ( أبو شناوي ) عند

الجامع الكبير وكذلك ورشة ( أبو مهدي ) في بيت قديم

عند ( أبو منسي ) - بتاع الجرائد - وهذا البيت إشتراه الأستاذ ( السيد حفني ) من ( مهدية ) وبني مكانه عمارة

كبيرة بها محل عصير قصب ( أولاد أبو سمكة ) وكان عند

مدرسة مصطفي كامل ورشة ( أولاد  بكر ) وكل ده إختفي .

زمان كانت فيه وظيفة ( السقا ) ولسة فاكر عمي ( عبودة )-

رحمه الله - وهو شايل خشبة علي كتفه ومتعلق فيها

صفيحتين من بتوع السمن النباتين وماليهم ( ماء ) ويذهب

إلي زبائنه والذين يخزنون الماء في زير أو جرة ..

كانت الجرار تأتي من الصعيد في مراكب وأما الزير والقلة

فكان يتم صناعتها في بلدنا أو تأتي من الصعيد أيضا ..

كان جارنا عمي ( السيد أبوعامر ) - رحمه الله - يعمل بهذه

الصناعة ويلف الأسواق ومازلت أتذكره بجلبابه البني

وعمامته البيضاء ومعه والدته خالتي ( أم السيد ) وزوجته

خالتي ( أم العربي ) - الله يرحمهم - وهم ينفخون في كل

( قلة  ) للتأكد من سلامتها وإذا كان بها عيب ..مخرومة مثلا

يضع علي الخرم قليل من الرماد المخلوط بالبيض وإذا كان

بها شطف من الحلق أو المؤخرة أصلحوه أيضا بهذا المخلوط

وكان لهم قريب عند جميزة ( الزوايدة ) يعمل بهذه المهنة

أيضا وكان له مكان في سوق(  السبت )  عند مزلقان المحطة وكان اسمه عمي ( محمد أبوعامر) وهو بالمناسبة

كان خال أولاد عمي  ..كما كانت هناك فاخورة يمتلكها عائلة

( أبو نافع ) وكانوا يعملون بهذه المهنة ثم توقفوا أيضا وقاموا ببناء عمارات شاهقة وقاموا بتأجيرها وباقي المساحة

باعوها لأناس بنوا هم بيوتا عليها وذلك في أول الطريق

المؤدي لقرية ( العلاقمة ) وحتي وقت قريب كانت هناك

سيدة كبيرة تستأجر محلا في بيت قديم متهدم بعد محل

جزارة ( أولاد أبو العينين ) إللي جنب مكتبة الحاج ( السيد أبو حمادة ) ..كنا نقعد بقي نحكي بأن ماء القلة أفضل

وياسلام لما تشرب الماء إللي موجود في الكوز إللي تحت

الزير ..وياسلام بقي لما تسيب القلة متعلقة في غصن - عرف

شجرة - في الغيط وتروح تشرب منها تاني يوم الصبح ..

وتتكرع ..صحة ..ولا ..تلاقي واحد بيقول لك ..عارف عمك

فلان ده ..كان جامد وحديد ..تصدق مرة شال حمار وعليه

نقلة رماد وعدي به القيد - القناية - عارفين جاب القوة دي

من فين ؟ نسأله : من فين  ؟ ..يقول لك : أصله شرب من

مية البحر وهي واقفة ..أصل البحر بتجيله ساعة وتلاقي

المية بتاعته وقفت ..ويا بخت إللي يشرب منها ساعتها ..

هتجيله قوة من حديد ..إللي بنقول عليها دلوقت ( قوة خارقة ) ..وظللت لسنوات أذهب إلي البحر لعلني أجد مائه

واقفة  ، وكلما ذهبت وجدتها تجري .

كنا نشرب من البحر ..يعني لما حد يقولك : زعلان اشرب من البحر ..متزعلش ..كلنا شربنا من البحر ..ولما جاء ( عبد الناصر ) بثورته عمل لنا في كل حي حنفية نملأ منها جرارنا

ماء نظيفة غير ملوثة عليها ( شبة وكلور ) ثم بعد ذلك بدأ

الجميع يدخل صنابير الماء إللي بيته وتم إلغاء هذه الحنفيات ..كانت هناك حنفية أمام بيت عمي السيد أبوعامر

وأخري أمام مركز شرطة ههيا وواحدة أمام مسجد السراحنة

إللي بقي مسجد ( وسيلة الأشقر ) وبجواره حوض أسمنت

كبير لكي يتم سقي الجاموس والجمال والحمير منه ..وكانت

فيه حنفية في حي ( أبو حليمة ) وواحدة مكان السنترال

الجديد وواحدة عند ( الكوبانية ) بتاعة شركة مصر ..

وياسلام بقي علي الفرن إللي مبني من تراب الطوب الأحمر

( الحمرة ) تعمل منه عرصة تأكل أحلي رغيف عيش بلدي

أو فطير ( مطبق ) بالسمن البلدي بتنز منه ولا صينية الأرز

المعمر بالسكر أو السادة وكان فيه ناس تحب تحط علي

الأرز المعمر السادة عسل أسود ..أيوووووه ياجدعان

ولا في ليالي الشتاء وال ( مفروكة ) وتحطها في الصينية

وعليها اللبن وحتة قشدة أو ملعقتين سمن بلدي ..حاجة

متقولش لعدوك عليها ..دي الأكلات إللي وصي عليها ( حسان

اليماني ) ولا أتخن شيف يعرف يعمل زيها دلوقت ..ولا تقوللي فلان الفطاطري ولا قرية الأسد ولا يحزنون ..

يا أخي دا كفاية تمسك المترد وتشد شفطة لبن بتبقي من

حلاوته عاوز تشرب المترد كله ..دلوقت ..كل شيء الآن

لا طعم ..لا  لون ..لا  رائحة ....دا كله كوم والناس الطيبين

إللي عشنا وسطهم  زمان ( الله يرحمهم ويرحم أيامهم )

 كوم تاني ......

من الإسماعيلية  جدو /   جمال محمود والي

               كبير أمناء مكتبات بالمعاش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق